التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

{ قل إنما يوحى إلي أنما إلاهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ( 108 ) فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء1 وإن أدري2 أقريب أم بعيد ما توعدون ( 109 ) إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون( 110 ) وإن أدري لعله فتنة 3 لكم ومتاع إلى حين( 111 ) قل رب احكم بالحق وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون ( 112 ) } [ 108-112 ] .

في الآيات : أمر للنبي بتبليغ الناس بأن ما يوحى إليه هو : أن إلههم واحد لا شريك له ، وبأن يسألهم سؤال دعوة ، وتنبيه عما إذا كانوا مستعدين للاعتراف بذلك وإسلام أنفسهم لله وحده ، وبأن يقول لهم إذا امتنعوا عن ذلك أني قد أعلمتكم بالأمر وأبلغتكم وحي الله وصار بيننا حرب لا صلح له ، ولست أدري موعد تحقيق وعد الله هل هو قريب أم بعيد . ولست أدري إذا كان الله أراد اختباركم فجعل لكم مهلة إلى وقت معين في علمه . وأن الله على كل حال يعلم ما تقولونه وتبيتونه في جهركم وسركم وقصارى مهمتي إبلاغكم وإنذاركم وقد قمت بها .

والآيات متصلة كذلك بسابقاتها ، وأسلوبها قوي نافذ ، وقد جاءت خاتمة للسياق الذي جاء معقبا على سلسلة آيات الأنبياء ، وجاءت في ذات الوقت خاتمة للسورة ، وطابع الختام عليها بارز مماثل لكثير من خواتم السور .

ولقد قرئ فعل القول في الآية الأخيرة بصيغة الماضي كما قرئ بصيغة الأمر ، وتضمنت الآية دعاء النبي لله بأن يحكم بينه وبين قومه بالحق والاستعانة به على ما يقوله الكفار افتراء على الله وزورا . وعلى قراءة فعل القول بصيغة الأمر يكون ذلك أمرا من الله بأن يدعو ويستعين ، وعلى القراءة الثانية يكون ذلك حكاية لدعائه واستعانته . والنفس تطمئن لصيغة الأمر ؛ لأنها متسقة مع صيغة الآيات الأخرى أكثر ، وقد رجح هذا الطبري وقال : إن عامة الأنصار عليه .