المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

21- وكما أنمناهم وبعثناهم أطلعنا أهل المدينة عليهم ليعلم المطلعون أن وعد الله بالبعث حق ، وأن القيامة لا شك في إتيانها . فآمن أهل المدينة بالله واليوم الآخر ، ثم أمات الله الفتية فتنازعوا في شأنهم ، فقال بعضهم : ابنوا على باب الكهف بنياناً ونتركهم وشأنهم فربهم أعلم بحالهم ، وقال أصحاب الكلمة في القوم : لنتخذن على مكانهم مسجداً للعبادة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

قوله عز وجل : { وكذلك أعثرنا } أي : أطلعنا { عليهم } يقال : عثرت على الشيء : إذا اطلعت عليه ، وأعثرت غيري أي : أطلعته ، { ليعلموا أن وعد الله حق } يعني قوم بيدروس الذين أنكروا البعث ، { وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم } ، قال ابن عباس : يتنازعون في البنيان ، فقال : المسلمون : نبني عليهم مسجداً يصلي فيه الناس لأنهم على ديننا ، وقال المشركون : نبني عليهم بنياناً لأنهم من أهل نسبنا . وقال عكرمة : تنازعوا في البعث ، فقال المسلمون : البعث للأجساد والأرواح معاً ، وقال قوم : للأرواح دون الأجساد ، فبعثهم الله تعالى وأراهم أن البعث للأجساد والأرواح . وقيل : تنازعوا في مدة لبثهم . وقيل : في عددهم . { فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم } ، بيدروس الملك وأصحابه ، { لنتخذن عليهم مسجداً* } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

{ 21 } { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا }

يخبر الله تعالى ، أنه أطلع الناس على حال أهل الكهف ، وذلك -والله أعلم- بعدما استيقظوا ، وبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاما ، وأمروه بالاستخفاء والإخفاء ، فأراد الله أمرا فيه صلاح للناس ، وزيادة أجر لهم ، وهو أن الناس رأوا منهم آية من آيات الله ، المشاهدة بالعيان ، على أن وعد الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا بعد ، بعدما كانوا يتنازعون بينهم أمرهم ، فمن مثبت للوعد والجزاء ، ومن ناف لذلك ، فجعل قصتهم زيادة بصيرة ويقين للمؤمنين ، وحجة على الجاحدين ، وصار لهم أجر هذه القضية ، وشهر الله أمرهم ، ورفع قدرهم حتى عظمهم الذين اطلعوا عليهم .

و { فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا } الله أعلم بحالهم ومآلهم ، وقال من غلب على أمرهم ، وهم الذين لهم الأمر :

{ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا } أي : نعبد الله تعالى فيه ، ونتذكر به أحوالهم ، وما جرى لهم ، وهذه الحالة محظورة ، نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، وذم فاعليها ، ولا يدل ذكرها هنا على عدم ذمها ، فإن السياق في شأن تعظيم أهل الكهف والثناء عليهم ، وأن هؤلاء وصلت بهم الحال إلى أن قالوا : ابنوا عليهم مسجدا ، بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم ، وحذرهم من الاطلاع عليهم ، فوصلت الحال إلى ما ترى .

وفي هذه القصة ، دليل على أن من فر بدينه من الفتن ، سلمه الله منها . وأن من حرص على العافية عافاه الله ومن أوى إلى الله ، آواه الله ، وجعله هداية لغيره ، ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته ، كان آخر أمره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب { وما عند الله خير للأبرار }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

فقوله - سبحانه - : { وكذلك أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ليعلموا } بيان للحكمة التى من أجلها أطلع الله - تعالى - الناس على هؤلاء الفتية .

قال الآلوسى ما ملخصه : وأصل العثور السقوط للوجه ، يقال : عثُر عثورا وعِثارا إذا سقط لوجهه ، ومنه قولهم فى المثل : الجواد لا يكاد يعثر . ثم تجوز به فى الاطلاع على أمر من غير طلبه .

وقال بعضهم : لما كان كل عاثر ينظر إلى موضع عثرته ، ورد العثور بمعنى الاطلاع والعرفان ، فهو فى ذلك مجاز مشهور بعلاقة السببية .

ومفعول { أعثرنا } محذوف لقصد العموم ، أى : وكذلك أطلعنا الناس عليهم ، .

والمعنى : وكما أنمناهم تلك المدة الطويلة ، وبعثناهم هذا البعث الخاص ، أطلعنا الناس عليهم ليعلم هؤلاء الناس عن طريق المعاينة والمشاهدة ، { أَنَّ وَعْدَ الله } بالبعث { حق } وصدق وليعلموا كذلك أن الساعة ، أى القيامة ، آتية لا ريب فيها ، ولا شك فى حصولها ، فإن من شاهد أهل الكهف ، وعرف أحوالهم ، أيقن بأن من كان قادراً على إنامتهم تلك المدة الطويلة ثم على بعثهم بعد ذلك . فهو قادر على إعادة الحياة إلى الموتى ، وعلى بعث الناس يوم القيامة للحساب والجزاء .

وقد ذكروا فى كيفية إطلاع الناس عليهم روايات ملخصها : " أن زميلهم الذى أرسلوه بالدراهم إلى السوق ليشترى لهم طعاما عندما وصل إلى سوق المدينة ، عمد إلى رجل ممن يبيع الطعام ، فدفع إليه ما معه من نقود لكى يأخذ فى مقابلها طعاما ، فلما رأى البائع النقود أنكرها - لأنها مصنوعة منذ زمن بعيد - وأخذ يطلع عليها بقية التجار ، فقالوا له : أين وجدت هذه الدراهم ؟ فقال لهم : بعت بها أمس شيئا من التمر ، وأنا من أهل هذه المدينة ، وقد خرجت أنا وملائى إلى الكهف خوفا من إيذاء المشركين لنا ، فأخذوه إلى ملكهم وقصوا عليه قصته . فسر الملك به ، وذهب معه إلى الكهف ليرى بقية زملائه فلما رآهم سلم عليهم . . ثم أماتهم الله - تعالى - " .

ثم بين - سبحانه - ما كان من أمرهم بعد وفاتهم واختلاف الناس فى شأنهم ، فقال : { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ابنوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } .

والظرف " إذ " متعلق بمحذوف تقديره : اذكر ، و { يتنازعون } من التنازع بمعنى التخاصم والاختلاف ، والضمير فى { أمرهم } يعود إلى الفتنة .

والمعنى : لقد قصصنا عليك - أيها الرسول الكريم - قصة هؤلاء الفتية . وبينا لك أحوالهم عند رقادهم ، وبعد بعثهم من نومهم ، وبعد الإِعثار عليهم ، وكيف أن الذين عثروا عليهم صاروا يتنازعون فى شأنهم . فمنهم من يقول إنهم وجدوا فى زمن كذا ، ومنهم من يقول إنهم مكثوا فى كهفهم كذا سنة ، ومنهم من يقول نبنى حولهم بنيانا صفته كذا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

يقول تعالى : { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي : أطلعنا عليهم الناس { لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا }

ذكر غير واحد من السلف أنه كان قد حصل لأهل ذلك الزمان شك في البعث وفي أمر القيامة . وقال عكرمة : كان منهم طائفة قد قالوا : تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد . فبعث الله أهل الكهف حجة{[18063]} ودلالة وآية على ذلك .

وذكروا أنه لما أراد أحدهم الخروج ليذهب إلى المدينة ، في شراء شيء لهم ليأكلوه ، تنكر وخرج يمشي في غير الجادة ، حتى انتهى إلى المدينة ، وذكروا أن اسمها دقسوس{[18064]} وهو يظن أنه قريب العهد بها ، وكان الناس قد تبدلوا قرنًا بعد قرن ، وجيلا بعد جيل ، وأمة بعد أمة ، وتغيرت البلاد ومن عليها ، كما قال الشاعر :

أما الدّيارُ فَإنَّها كَديارهِم *** وَأرَى رجالَ الحَي غَيْرَ رجَاله

فجعل لا يرى شيئًا من معالم البلد التي يعرفها ، ولا يعرف أحدًا من أهلها ، لا{[18065]} خواصها ولا عوامها ، فجعل يتحير في نفسه ويقول : لعل بي جنونًا أو مسًا ، أو أنا حالم ، ويقول : والله ما بي شيء{[18066]} من ذلك ، وإن عهدي بهذه البلدة عشية أمس على غير هذه الصفة . ثم قال : إن تعجيل الخروج من هاهنا لأولى لي . ثم عمد إلى رجل ممن يبيع الطعام ، فدفع إليه ما معه من النفقة ، وسأله أن يبيعه بها طعامًا . فلما رآها ذلك الرجل أنكرها وأنكر ضَرْبها ، فدفعها إلى جاره ، وجعلوا يتداولونها بينهم ويقولون : لعل هذا قد وجد كنزا . فسألوه عن أمره ، ومن أين له هذه النفقة ؟ لعله وجدها من كنز . ومن أنت ؟ فجعل يقول : أنا من أهل هذه المدينة{[18067]} وعهدي بها عشية أمس وفيها دقيانوس . فنسبوه إلى الجنون ، فحملوه إلى وليّ أمرهم ، فسأله عن شأنه وعن أمره حتى أخبرهم بأمره ، وهو متحير في حاله ، وما هو فيه . فلما أعلمهم بذلك قاموا معه إلى الكهف : مُتَوَلّى البلد وأهلها ، حتى انتهى بهم إلى الكهف ، فقال : دعوني حتى أتقدمكم في الدخول لأعلم أصحابي ،

فيقال : إنهم لا يدرون كيف ذهب فيه ، وأخفى الله عليهم خبره{[18068]} ويقال : بل دخلوا عليهم ، ورأوهم وسلم عليهم الملك واعتنقهم ، وكان مسلمًا فيما قيل ، واسمه تيدوسيس{[18069]} ففرحوا به وآنسوه بالكلام ، ثم ودعوه{[18070]} وسلموا عليه ، وعادوا إلى مضاجعهم ، وتوفاهم الله ، عز وجل ، فالله أعلم .

قال قتادة : غزا{[18071]} ابن عباس مع حبيب بن مسلمة ، فمروا بكهف في بلاد الروم ، فرأوا فيه عظامًا ، فقال قائل : هذه عظام أهل الكهف ؟ فقال ابن عباس : لقد بليت عظامهم من أكثر من ثلاثمائة سنة . رواه ابن جرير .

وقوله : { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ }{[18072]} أي : كما أرقدناهم وأيقظناهم بهيآتهم ، أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان { لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } أي : في أمر القيامة ، فمن مثبت لها ومن منكر ، فجعل الله ظهورهم على أصحاب الكهف حجة لهم وعليهم { فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } أي : سدوا عليهم باب كهفهم ، وذروهم على حالهم { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا }

حكى ابن جرير في القائلين{[18073]} ذلك قولين : أحدهما : إنهم المسلمون منهم . والثاني : أهل الشرك منهم ، فالله أعلم{[18074]}

والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ . ولكن هل هم محمودون أم لا ؟ فيه نظر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " {[18075]} يحذر ما فعلوا . وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق ، أمر أن يخفى عن الناس ، وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده ، فيها شيء من الملاحم وغيرها .


[18063]:في ت: "وحجة".
[18064]:في ت: "دقوس".
[18065]:في ت، ف: "ولا".
[18066]:في ت: "شتى".
[18067]:في ت: "النفقة".
[18068]:في ت، ف: "خبرهم".
[18069]:في ت: "تيدرسين"، وفي ف: "بيدوسيس".
[18070]:في ت، ف: "دعوه".
[18071]:في ت: "وعن".
[18072]:في ت: "وعن".
[18073]:في ت: "القائل".
[18074]:في ت: "والله أعلم".
[18075]:رواه البخاري في صحيحه برقم (1330) من حديث عائشة، رضي الله عنها.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوَاْ أَنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ وَأَنّ السّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ابْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رّبّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىَ أَمْرِهِمْ لَنَتّخِذَنّ عَلَيْهِمْ مّسْجِداً } .

يقول تعالى ذكره : وكما بعثناهم بعد طول رقدتهم كهيئتهم ساعة رقدوا ، ليتساءلوا بينهم ، فيزدادوا بعظيم سلطان الله بصيرة ، وبحسن دفاع الله عن أوليائه معرفة كَذلكَ أعْثَرْنا عَلَيْهِمْ يقول : كذلك أطلعنا عليهم الفريق الاَخر الذين كانوا في شكّ من قُدرة الله على إحياء الموتى ، وفي مِرْية من إنشاء أجسام خلقه ، كهيئتهم يوم قبضهم بعد البِلَى ، فيعلموا أن وعْد الله حقّ ، ويُوقنوا أن الساعة آتية لا ريب فيها . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وكذلكَ أعْثَرْنا عَلَيْهِمْ يقول : أطلعنا عليهم ليعلم من كذب بهذا الحديث ، أن وعد الله حقّ ، وأن الساعة لا ريب فيها .

وقوله : إذْ يَتَنازَعُون بَيْنَهُمْ أمْرَهُمْ يعني : الذين أعثروا على الفتية . يقول تعالى : وكذلك أعثرنا هؤلاء المختلفين في قيام الساعة ، وإحياء الله الموتى بعد مماتهم من قوم تيذوسيس ، حين يتنازعون بينهم أمرهم فيما الله فاعل بمن أفناه من عباده ، فأبلاه في قبره بعد مماته ، أمنشئهم هو أم غير منشئهم . وقوله : فقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيانا يقول : فقال الذين أعثرناهم على أصحاب الكهف : ابنوا عليهم بنيانا رَبّهمْ أعْلَمُ بِهِمْ يقول : ربّ الفتية أعلم بالفتية وشأنهم . وقوله : قالَ الّذِينَ غَلَبُوا عَلى أمْرِهِمْ يقول جلّ ثناؤه : قال القوم الذين غلبوا على أمر أصحاب الكهف لَنَتّخِذَنّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدا .

وقد اختُلف في قائلي هذه المقالة ، أهم الرهط المسلمون ، أم هم الكفار ؟ وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مضى ، وسنذكر إن شاء الله ما لم يمض منه .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قالَ الّذِينَ غَلَبُوا على أمْرِهِمْ لَنَتّخِذَنّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدا قال : يعني عدوّهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن عبد العزيز بن أبي روّاد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : عمّى الله على الذين أعثرهم على أصحاب الكهف مكانهم ، فلم يهتدوا ، فقال المشركون : نبني عليهم بنيانا ، فإنهم أبناء آبائنا ، ونعبد الله فيها ، وقال المسلمون : بل نحن أحقّ بهم ، هم منا ، نبني عليهم مسجدا نصلي فيه ، ونعبد الله فيه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

{ وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها }

انتقل إلى جزء القصة الذي هو موضع عبرَةِ أهل زمانهم بحالهم وانتفاعهم باطمئنان قلوبهم لوقوع البعث يوم القيامة بطرِيقة التقريب بالمشاهدة وتأييد الدين بما ظهر من كرامة أنصاره .

وقد كان القوم الذين عثروا عليهم مؤمنين مثلهم ، فكانت آيتهم آية تثبيت وتقوية إيمان .

فالكلام عطف على قوله : { وكذلك بعثناهم } [ الكهف : 19 ] الآية .

والقول في التشبيه والإشارة في وكذلك } نظيرُ القول في الذي قبله آنفاً .

والعثور على الشيء : الاطلاع عليه والظفَر به بعد الطلب . وقد كان الحديث عن أهل الكهف في تلك المدينة يتناقله أهلها فيسر الله لأهل المدينة العثور عليهم للحكمة التي في قوله : { ليعلموا أن وعد الله حق } الآية .

ومفعول { أعثرنا } محذوف دل عليه عموم { ولا يشعرن بكم أحداً } [ الكهف : 20 ] . تقديره : أعثرنا أهل المدينة عليهم .

وضمير { ليعلموا } عائد إلى المفعول المحذوف المقدر لأن المقدر كالمذكور .

ووعد الله هو إحياء الموتى للبعث . وأما علمهم بأن الساعة لا ريب فيها ، أي ساعة الحشر ، فهو إن صار علمهم بذلك عن مشاهدة تزول بها خواطر الخفاء التي تعتري المؤمن في اعتقاده حين لا يتصور كيفية العقائد السمعية وما هو بريب في العلم ولكنه في الكيفية ، وهو الوارد فيه أنه لا يخطر إلا لصديق ولا يدوم إلا عند زنديق .

{ إذ يتنازعون بينهم أمرهم }

الظرف متعلق ب { أعثرنا } ، أي أعثرنا عليهم حين تنازعوا أمرهم . وصيغ ذلك بصيغة الظرفية للدلالة على اتصال التنازع في أمر أهل الكهف بالعثور عليهم بحيث تبادروا إلى الخوض في كرامة يجعلونها لهم . وهذا إدماج لذكر نزاع جرى بين الذين اعتدوا عليهم في أمور شتى جمعها قوله تعالى : { أمرهم } فضمير { يتنازعون } و { بينهم } عائدان إلى ما عاد الله ضمير { ليعلموا } .

وضمير { أمرهم } يجوز أن يعود إلى أصحاب الكهف . والأمر هنا بمعنى الشأن .

والتنازع : الجدال القوي ، أي يتنازع أهل المدينة بينهم شأن أهل الكهف ، مثل : أكانوا نياماً أم أمواتاً ، وأيبقون أحياء أم يموتون ، وأيبقون في ذلك الكهف أم يرجعون إلى سكنى المدينة ، وفي مدة مكثهم .

ويجوز أن يكون ضمير { أمرهم } عائداً إلى ما عاد عليه ضمير { يتنازعون } ، أي شأنهم فيما يفعلونه بهم .

والإتيان بالمضارع لاستحضار حالة التنازع .

{ فقالوا ابنوا عليهم نبيانا ربهم أعلم بهم قال غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا }

طوي هنا وصف العثور عليهم ، وذكر عودهم إلى الكهف لعدم تعلق الغرض بذكره ، إذ ليس موضع عبرة لأن المصير إلى مرقدهم وطرو الموت عليهم شأن معتاد لكل حي .

وتفريع { فقالوا } على { يتنازعون } .

وإنما ارتأوا أن يبنوا عليهم بنياناً لأنهم خشوا عليهم من تردد الزائرين غير المتأدبين ، فلعلهم أن يؤذوا أجسادهم وثيابهم باللمس والتقليب ، فأرادوا أن يبنوا عليهم بناءً يمكن غلق بابه وحراسته .

وجملة { ربهم أعلم بهم } يجوز أن تكون من حكاية كلام الذين قالوا ، ابنوا عليهم بنياناً .

والمعنى : ربهم أعلم بشؤونهم التي تنزعنا فيها ، فهذا تنهية للتنازع في أمرهم . ويجوز أن تكون معترضة من كلام الله تعالى في أثناء حكاية تنازع الذين أعثروا عليهم ، أي رب أهل الكهف أو رب المتنازعين في أمرهم أعلم منهم بواقع ما تنازعوا فيه .

والذين غلبوا على أمرهم ولاة الأمور بالمدينة ، فضمير { أمرهم } يعود إلى ما عاد إليه ضمير { فقالوا } ، أي الذين غلبوا على أمر القائلين : ابنوا عليهم بنياناً .

وإنما رأوا أن يكون البناء مسجداً ليكون إكراماً لهم ويدوم تعهد الناس كهفهم . وقد كان اتخاذ المساجد على قبور الصالحين من سنة النصارى ، ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها : « ولولا ذلك لأبرز قبرُه » ، أي لأبرز في المسجد النبوي ولم يجعل وراء جدار الحجرة .

واتخاذ المساجد على القبور ، والصلاة فيها منهي عنه ، لأن ذلك ذريعة إلى عبادة صاحب القبر أو شبيهٌ بفعل من يعبدون صالحي ملتهم . وإنما كانت الذريعة مخصوصة بالأموات لأن ما يعرض لأصحابهم من الأسف على فقدانهم يبعثهم على الإفراط فيما يحسبون أنه إكرام لهم بعد موتهم ، ثم يتناسى الأمر ويظن الناس أن ذلك لخاصية في ذلك الميّت . وكان بناء المساجد على القبور سنة لأهل النصرانية ، فإن كان شرعاً لهم فقد نسخه الإسلام ، وإن كان بدعة منهم في دينهم فأجدر .