بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

{ وكذلك أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } ، يقول : أطلعنا الملك عليهم . قال القتبي : وأصله في اللغة أن من عثر بشيء ، نظر إليه حتى يعرفه فاستعير العثار مكان التبين والظهور { لِيَعْلَمُواْ أَنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ } ، يعني : البعث بعد الموت ؛ وذلك أن القوم كانوا مختلفين ، منهم من كان مقراً بالبعث ، ومنهم من كان جاحداً .

فلما ظهر حالهم ، عرفوا أن البعث حق وأنه كائن . { وَأَنَّ الساعة لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يتنازعون بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } ، يعني : إذ يختلفون فيما بينهم ؛ وقال بعضهم : اختلفوا فيما بينهم هو ما ذكر بعد هذا في عددهم ؛ وقال بعضهم : اختلفوا . فقال المؤمنون : فيما بينهم نبني مسجداً ؟ وقالت النصارى : نبني كنيسة . فغلب عليهم المسلمون وبنوا المسجد . فذلك قوله تعالى : { فَقَالُواْ ابنوا عَلَيْهِمْ بنيانا } ، أي مسجداً . { رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } ، أي عالم بهم . { قَالَ الذين غَلَبُواْ على أَمْرِهِمْ } ، يعني : الذين كانوا على دين أصحاب الكهف وهم المؤمنون . { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا } ؛ قال الزجاج : فيه دليل أنه ظهر أمرهم ، وغلب الذين أقروا بالبعث على غيرهم ، لأنهم اتخذوا مسجداً ؛ والمسجد يكون للمسلمين .