جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

{ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي : كما أنمناهم وأيقظناهم أطلعنا عليهم { لِيَعْلَمُوا } أي : ليعلم من يطلع عليهم { أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ } : بالبعث { حَقٌّ } : يقاس الموت والبعث بتلك الرقدة ، والإيقاظ { وَأَنَّ السَّاعَةَ } آتية { لا رَيْبَ فِيهَا } فإن من حفظ أبدانهم من التفتت ثلاثمائة سنين يمكن له حفظ النفوس إلى أن يحشر أبدانها { إِذْ يَتَنَازَعُونَ } ظرف لأعثرنا { بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } : أمر دينهم ، فإن لأهل ذلك الزمان{[2948]} شكا في البعث فمنهم من قال : يبعث الأرواح لا الأجساد فيبعثهم الله حجة لمن يقول تبعث الأرواح والأجساد معا ، أو التنازع في البنيان فقال المسلمون : نبني عليهم مسجدا يصلي فيه الناس ، لأنهم على ديننا والمشركون يقولون : نبني بنيانا لأنهم من أهل نسبنا أو التنازع في مدة لبثهم وعددهم { فَقَالُوا } أي : المرتابون في البعث{[2949]} { ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } أي : سدوا عليهم باب الكهف وذروهم على حالهم فإن ربهم أعلم بحالهم وقيل : هذا يدل على أن التنازع في مدة اللبث أو العدد { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ } وهم المؤمنون وكانوا غالبين في ذلك الوقت { لنتخذن عليهم مسجدا } حكى أن المبعوث إلى الطعام لما أخرج الدرهم للطعام أخذوا درهمه واتهموه بوجدان كنز ؛ لأن الدرهم على ضرب لم يروه فسألوه عن أمره فقال : أنا من هذه المدينة وعهدي بها عشية أمس وضربه ضرب دقيانوس ، فنسبوه إلى الجنون فحملوه إلى ولي أمرهم فأخبرهم بأمره فقام متولى البلد وأهلها معه حتى انتهى إلى الكهف فقال : دعوني أتقدم في الدخول فعمى عليهم المدخل وأخفى الله فبنوا ثم مسجدا ، وعن بعضهم : دخلوا عليهم ورأوهم وسلم عليهم الملك واعتنقهم ثم كلمهم وودعهم فتوفاهم الله .


[2948]:صرح بذلك ابن عباس وعكرمة وغير واحد من السلف /12 منه.
[2949]:لئلا يتطرق الناس إليهم كما حفظت تربة ـ رسول صلى الله عليه وسلم ـ بالحظيرة /12 فتح.