الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا} (21)

وقوله سبحانه : { وكذلك أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } [ الكهف : 21 ] .

الإِشارة في قوله : { وكذلك بعثناهم ليتساءلوا } [ الكهف : 19 ] أي : كما بعثناهم ، أعثرنا عليهم ، والضمير في قوله : { لِيَعْلَمُوا } يحتمل أن يعود على الأمَّة المسلمة الذين بُعِثَ أهّل الكهف على عهدهم ، وإلى هذا ذهب الطبريُّ ، وذلك أنهم فيما روي دخلتهم حينئذٍ فتنةٌ في أمْرِ الحَشْر وبَعْثِ الأجساد من القبور ، فشَكَّ في ذلك بعضُ الناس ، واستبعدوه ، وقالوا : إِنما تُحْشَر الأرواح ، فشَقَّ ذلك على مَلِكهم ، وبقي حَيرَان لا يَدْرِي كيف يبيِّن أمره لهم ، حتى لَبَس المُسُوح ، وقعد على الرَّمَادَّ وتضرَّع إلى اللَّه في حُجَّة وبيانٍ ، فأعثرهم اللَّه على أَهْل الكهف ، فلما بعثهم اللَّه ، وتبيَّن الناس أمرهم سُرَّ الملِكُ ، ورَجَعَ مَنْ كان شَكَّ في بعث الأجساد إلى اليقين به ، وإلى هذا وقعت الإِشارة بقوله : { إِذْ يتنازعون بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } على هذا التأويل ، ويحتمل أن يعود الضميرُ في { يَعْلَمُوا } على أصحاب الكهف ، وقوله : { إِذْ يتنازعون } على هذا التأويل : ابتداءُ خبرٍ عن القوم الذين بُعِثُوا على عهدهم ، والتنازع على هذا التأويل إِنما هو في أمر البناء أو المسجد ، لا في أمر القيامة ، وقد قيل : إِن التنازع إِنما هو في أنْ اطلعوا عَليْهم ، فقال بعضهم : هم أمواتٌ ، وبعضٌ : هم أحياء ، وروي أنَّ بعض القومِ ذهبوا إلى طمس الكَهْف عليهم ، وترْكِهِم فيه مغيِّبين ، فقالت الطائفة الغالبة على الأمر : { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا } ، فاتخذوه ، قال قتادة : { الذين غَلَبُوا } هم الولاة .