{ والشفع والوتر } قرأ حمزة ، والكسائي : { الوتر } بكسر الواو ، وقرأ الآخرون بفتحها ، واختلفوا في الشفع والوتر . قيل : الشفع : الخلق ، قال الله تعالى : { وخلقناكم أزواجاً } والوتر : هو الله عز وجل . روي ذلك عن أبي سعيد الخدري ، وهو قول عطية العوفي . وقال مجاهد ومسروق : الشفع كله ، كما قال الله تعالى : { ومن كل شيء خلقنا زوجين }( الذاريات- 49 ) ، الكفر والإيمان ، والهدى والضلالة ، والسعادة والشقاوة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والبر والبحر ، والشمس والقمر ، والجن والإنس ، والوتر هو الله عز وجل ، قال الله تعالى : { قل هو الله أحد }( الإخلاص- 2 ) . قال الحسن وابن زيد : الشفع والوتر : الخلق كله ، منه شفع ، ومنه وتر . وروى قتادة عن الحسن قال : هو العدد منه شفع ومنه وتر . وقال قتادة : هما الصلوات منها شفع ومنها وتر . وروى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعاً ، وروى عطية عن ابن عباس : الشفع صلاة الغداة ، والوتر صلاة المغرب . وعن عبد الله ابن الزبير قال : الشفع : يوم الأول ، والوتر : يوم النفر الأخير . روي أن رجلاً سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر ؟ فقال : أما الشفع والوتر : فقول الله عز وجل : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } ( البقرة- 203 ) فهما الشفع والوتر ، وأما الليالي العشر : فالثمان وعرفة والنحر . وقال مقاتل بن حيان : الشفع : الأيام والليالي ، والوتر : اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة . وقال الحسين بن الفضل : الشفع : درجات الجنة لأنها ثمان ، والوتر دركات النار لأنها سبع ، كأنه أقسم بالجنة والنار . وسئل أبو بكر الوراق عن الشفع والوتر فقال : الشفع : تضاد أوصاف المخلوقين من العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والبصر والعمى ، والوتر : انفراد صفات الله عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا ممات .
وأقسم - سبحانه - ثالثا ورابعا بقوله : { والشفع والوتر } والشفع : ما يكون ثانيا لغيره ، والوتر : هو الشئ المنفرد .
وقد ذكرالمفسرون فى المراد بهذين اللفظين أقوالا متعددة ، فمنهم من يرى أنهما يعمان كل الأشياء شفعها ووترها ، ومنهم من يرى أن المراد بالشفع : يوم النحر ، لكونه اليوم العاشر من ذى الحجة ، وأن المراد بالوتر : يوم عرفة ، لأنه اليوم التاسع من شهر ذى الحجة . ومنهم من يرى أن المراد بهما : الصلاة المكتوبة ، ما كان منها شفعا ، كصلاة الظهر والعصر والعشاء والصبح ، وما كان منها وترا كالمغرب .
ومنهم من يرى أن المراد بالشفع : جميع المخلوقات ، وبالوتر : الله - تعالى - الواحد الصمد .
وقد رجح بعض العلماء هذا القول فقال ما ملخصه : والواقع أن أقرب الأقوال عندى - والله أعلم - . أن المراد بالوتر ، هو الله - تعالى - ، للحديث : " إن الله وتر يحب الوتر "
وما سواه شفع . . لأنه ثبت علميا أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط ، حتى الحصاة الصغيرة ، فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات ، والذرة لها نواة ومحيط .
ولهذا كان القول بأن الوتر هو الله ، وبأن الشفع : جميع المخلوقات . . هو الراجح ، وهو الأعم فى المعنى .
" والشفع والوتر " . . يطلقان روح الصلاة والعبادة في ذلك الجو المأنوس الحبيب . جو الفجر والليالي العشر . . " ومن الصلاة الشفع والوتر " [ كما جاء في حديث أخرجه الترمذي ] وهذا المعنى هو أنسب المعاني في هذا الجو . حيث تلتقي روح العبادة الخاشعة ، بروح الوجود الساجية ! وحيث تتجاوب الأرواح العابدة مع أرواح الليالي المختارة ، وروح الفجر الوضيئة .
وقوله : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة ، لكونه التاسع ، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر . وقاله ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك أيضا .
قول ثان : وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثني عقبة بن خالد ، عن واصل ابن السائب قال : سألت عطاء عن قوله : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قلتُ : صلاتنا وترنا هذا ؟ قال : لا ولكن الشفع يوم عرفة ، والوتر ليلة الأضحى .
قول ثالث : قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني ، حدثني أبي ، عن النعمان - يعني ابن عبد السلام - عن أبي سعيد بن عوف ، حدثني بمكة قال : سمعتُ عبد الله ابن الزبير يخطب الناس ، فقام إليه رجلٌ فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن الشفع والوتر . فقال : الشفع قول الله ، عز وجل : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } والوتر قوله : { وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } [ البقرة : 203 ] .
وقال ابن جريج : أخبرني محمد بن المرتفع أنه سمع ابن الزبير يقول : الشفع أوسط أيام{[30018]} التشريق ، والوتر آخر أيام التشريق .
وفي الصحيحين من رواية أبي هُرَيرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " {[30019]} .
قول رابع : قال الحسن البصري ، وزيد بن أسلم : الخلق كلهم شفع ، ووتر ، أقسم تعالى بخلقه . وهو رواية عن مجاهد ، والمشهور عنه الأول .
وقال العَوفي ، عن ابن عباس : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قال : الله وتر واحد ، وأنتم شفع . ويقال : الشفع صلاة الغداة ، والوتر : صلاة المغرب .
قول خامس : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قال : الشفع الزوج ، والوتر : الله عز وجل .
وقال أبو عبد الله ، عن مجاهد : الله الوتر ، وخلقه الشفع ، الذكر والأنثى .
وقال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد قوله : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } كل شيء خلقه الله شفع ، السماء والأرض ، والبر والبحر ، والجن والإنس ، والشمس والقمر ، ونحو هذا . ونحا مجاهد في هذا ما ذكروه في قوله تعالى : { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ الذاريات : 49 ] أي : لتعلموا أن خالق الأزواج واحد .
قول سادس : قال قتادة ، عن الحسن : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } هو العدد ، منه شفع ومنه وتر .
قول سابع : في الآية الكريمة رواه ابنُ أبي حاتم وابنُ جَرير من طريق ابن جريج ، ثم قال ابن جرير : وَرُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن أبي الزبير : حدثني عَبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا زيد بن الحباب ، أخبرني عياش بن عقبة ، حدثني خير {[30020]} بن نُعَيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الشفع اليومان ، والوتر اليوم الثالث " {[30021]} .
هكذا ورد هذا الخبر بهذا اللفظ ، وهو مخالف لما تقدم من اللفظ في رواية أحمد والنسائي وابن أبي حاتم ، وما رواه هو أيضا ، والله أعلم .
قال أبو العالية ، والربيع بن أنس ، وغيرهما : هي الصلاة ، منها شفع كالرباعية والثنائية ، ومنها وتر كالمغرب ، فإنها ثلاث ، وهي وتر النهار . وكذلك صلاة الوتر في آخر التهجد من الليل .
وقد قال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن قتادة ، عن عمران بن حصين : { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قال : هي الصلاة المكتوبة ، منها شفع ومنها وتر . وهذا منقطع وموقوف ، ولفظه خاص بالمكتوبة . وقد روي متصلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه عام ، قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو داود - هو الطيالسي - حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عمران بن عصام : أن شيخا{[30022]} حدثه من أهل البصرة ، عن عمران بن حصين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن الشفع والوتر ، فقال : " هي الصلاة ، بعضها شفع ، وبعضها وتر " {[30023]} .
هكذا وقع في المسند ، وكذا رواه ابن جرير عن بُنْدَار ، عن عفان وعن أبي كُرَيْب ، عن عبيد الله بن موسى ، كلاهما عن همام - وهو ابن يحيى - عن قتادة ، عن عمران بن عصام ، عن شيخ ، عن عمران بن حصين{[30024]} وكذا رواه أبو عيسى الترمذي ، عن عمرو بن علي ، عن ابن مَهْدِيّ وأبي داود ، كلاهما عن همام ، عن قتادة ، عن عمران بن عصام ، عن رجل من أهل البصرة ، عن عمران بن حصين ، به . ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث قتادة ، وقد رواه خالد بن قيس أيضا عن قتادة{[30025]} .
وقد روي عن عمران بن عصام ، عن عمران نفسه ، والله أعلم .
قلت : ورواه ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا همام{[30026]} عن قتادة ، عن عمران بن عصام الضبعي - شيخ من أهل البصرة - عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ، هكذا رأيته في تفسيره ، فجعل الشيخ البصري هو عمران بن عصام [ الضبعي ]{[30027]} .
وهكذا رواه ابن جرير : حدثنا نصر بن علي ، حدثني أبي ، حدثني خالد بن قيس ، عن قتادة ، عن عمران بن عصام ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفع والوتر قال : " هي الصلاة منها شفع ، ومنها وتر " {[30028]} .
فأسقط ذكر الشيخ المبهم ، وتفرد به عمران بن عصام الضبعي أبو عمارة البصري ، إمام مسجد بني ضُبَيعة وهو والد أبي جَمْرَة {[30029]} نصر بن عمران الضبعي . روى عنه قتادة ، وابنه أبو جمرة {[30030]} والمثنى بن سعيد ، وأبو التياح يزيد بن حميد . وذكره ابن حبَّان في كتاب الثقات{[30031]} وذكره خليفة ابن خَيَاط في التابعين{[30032]} من أهل البصرة ، وكان شريفا نبيلا حظيا عند الحجاج بن يوسف ، ثم قتله يوم الزاوية سنة ثلاث{[30033]} وثمانين لخروجه مع ابن الأشعث ، وليس له عند الترمذي سوى هذا الحديث الواحد . وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه ، والله أعلم .
واختلف الناس في { الشفع والوتر } فقال جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الشفع } يوم النحر { والوتر } يوم عرفة{[11788]} وروى أيوب عنه صلى الله عليه وسلم قال : «الشفع يوم عرفة ويوم الأضحى ، والوتر ليلة النحر{[11789]} » وروى عمران بن حصين عنه عليه السلام أنه قال : «هي الصلوات منها الشفع ومنها الوتر{[11790]} » وقال ابن الزبير وغيره : { الشفع } اليومان من أيام التشريق { والوتر } ، اليوم الثالث ، وقال آخرون : { الشفع } العالم ، { والوتر } الله إذا هو الواحد محضاً وسواه ليس كذلك ، وقال بعض المتأولين : { الشفع } آدم وحواء ، و { الوتر } الله ، وقال ابن سيرين ومسروق وأبو صالح : { الشفع والوتر } شائعان الخلق كله ، الإيمان والكفر والإنس والجن وما اطرد على نحو هذا فهي أضداد أو كالأضداد ، وترها الله تعالى فرد أحد . وقيل { الشفع } : الصفا والمروة ، { والوتر } البيت ، وقال الحسن بن الفضل : { الشفع } أبواب الجنة لأنها ثمانية أبواب ، { والوتر } أبواب النار لأنها سبعة أبواب ، وقال مقاتل : { الشفع } الأيام والليالي ، { والوتر } يوم القيامة لأنه لا ليل بعده ، { والوتر } اتحاد صفات الله تعالى ، عز محض وكرم محض ونحوه ، وقيل { الشفع } ، قرآن الحج والعمرة ، { والوتر } الإفراد في الحج ، وقال الحسن : أقسم الله تعالى بالعدد لأنه إما شفع وإما وتر ، وقال بعض المفسرين : { الشفع } حواء { والوتر } آدم عليه السلام ، وقال ابن عباس ومجاهد : { الوتر } صلاة المغرب ، و { الشفع } صلاة الصبح ، وقال أبو العالية : { الشفع } الركعتان من المغرب { والوتر } الركعة الأخيرة ، وقال بعض العلماء : { الشفع } تنفل الليل مثنى مثنى { والوتر } الركعة الأخيرة معروفة ، وقرأ جمهور القراء والناس «والوَتر » بفتح الواو ، وهي لغة قريش وأهل الحجاز ، وقرأ حمزة والكسائي والحسن بخلاف وأبو رجاء وابن وثاب وطلحة والأعمش وقتادة : «والوِتر » بكسر الواو ، وهي لغة تميم وبكر بن وائل ، وذكر الزهراوي أن الأغر رواها عن ابن عباس وهما لغتان في الفرد ، وأما الدخل فإنما هو وتر بالكسر لا غير ، وقد ذكر الزهراوي أن الأصمعي حكى فيه اللغتين الفتح والكسر .
و { الشفع } : ما يكون ثانياً لغيره ، و { الوَتْر } : الشيء المفرد ، وهما صفتان لمحذوف ، فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشفع يوم النحر ذلك لأنه عاشر ذي الحجة ومناسبة الابتداء بالشفع أنه اليوم العاشر فناسب قوله : { وليال عشر } ، وأن الوتر يوم عرفة رواه أحمد بن حنبل والنسائي وقد تقدم آنفاً ، وعلى هذا التفسير فذكر الشفع والوتر تخصيص لهذين اليومين بالذكر للاهتمام ، بعد شمول الليالي العشر لهما .
وفي « جامع الترمذي » عن عِمران بن حُصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الشفع والوتر والصلاةُ منها شفع ومنها وتر " . قال الترمذي : وهو حديث غريب وفي « العارضة أن في سنده مجهولاً ، قال ابن كثير : « وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه » .
وينبغي حمل الآية على كلا التفسيرين .
وقيل : الشفع يومان بعد يوم منَى ، والوتر اليوم الثالث وهي الأيام المعدودات فتكون غيرَ الليالي العشر .
وتنكير { ليال } وتعريف { الشفع والوتر } مشير إلى أن الليالي العشر ليال معينة وهي عشر ليال في كل عام ، وتعريف { الشفع والوتر } يؤذن بأنهما معروفان وبأنهما الشفع والوتر من الليالي العشر .
وفي تفسير { الشفع والوتر } أقوال ثمانيةَ عشر وبعضها متداخل استقصاها القرطبي ، وأكثرها لا يَحسن حمل الآية عليه إذ ليست فيها مناسبة للعطف على ليال عشر .
وقرأ الجمهور : { والوتر } بفتح الواو وهي لغة قريش وأهل الحجاز . وقرأه حمزة والكسائي وخلف بكسر الواو وهي لغة تميم وبَكر بن سَعْد بن بكر وهم بنو سعد أظآر النبي صلى الله عليه وسلم وهم أهل العالية ، فهما لغتان في الوتر . بمعنى الفرد .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "وَالشّفْعِ والْوَتْرِ وَاللّيْلِ إذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذلكَ قَسَمٌ" اختلف أهل التأويل في الذي عُنِي به من الوتر بقوله : "والْوَتْرِ"؛
فقال بعضهم : الشفع : يوم النحر ، والوتر : يوم عرفة ...
وقال آخرون : الشفع : اليومان بعد يوم النحر ، "والوَتر" : اليوم الثالث ... قال ابن زيد ، في قوله : "والشّفْعِ والْوَتْرِ" قال : الشفع : يومان بعد يوم النحر ، والوتر : يوم النّفْر الآخِر ، يقول الله : "فَمَنْ تَعَجّلَ فِي يَوْمَينِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تأَخّرَ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ" .
وقال آخرون : الشفع : الخلق كله ، والوتر : الله ...
عن مجاهد "وَالشّفْعِ وَالْوَتْرِ" قال : كلّ خلق الله شفع ، السماء والأرض ، والبرّ والبحر ، والجنّ والإنس ، والشمس والقمر ، والله الوَتر وحده ...
وقال آخرون : عُنِي بذلك الخلق ، وذلك أن الخلق كله شفع ووتر ...
وقال آخرون : بل ذلك : الصلاة المكتوبة ، منها الشفع كصلاة الفجر والظهر ، ومنها الوتر كصلاة المغرب ...
والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالشفع والوتر ، ولم يخصص نوعا من الشفع ولا من الوتر دون نوع بخبر ولا عقل ، وكلّ شفع ووتر فهو مما أقسم به ، مما قال أهل التأويل إنه داخل في قسمه هذا ، لعموم قسمه بذلك .
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
وروى أحمد والبزار برجال الصحيح عن عياش بن عقبة وهو ثقة عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العشر عشر الأضحى ، والشفع يوم الأضحى ، والوتر يوم عرفة " .
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
" ومن الصلاة الشفع والوتر " [ كما جاء في حديث أخرجه الترمذي ] وهذا المعنى هو أنسب المعاني في هذا الجو . حيث تلتقي روح العبادة الخاشعة ، بروح الوجود الساجية ! وحيث تتجاوب الأرواح العابدة مع أرواح الليالي المختارة ، وروح الفجر الوضيئة . ...
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :
...والواقع أن أقرب الأقوال عندي والله أعلم : أنه هو الأول [ الوتر هو الله ] لأنه ثبت علمياً أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط حتى الحصاة الصغيرة . .. ...فلم يبق في الكون شيء قط فرداً وتراً بذاته ، إلا ما نص عليه الحديث " إن الله وتر يحب الوتر " ويمكن حمل الحديث على معنى الوتر فيه مستغني بذاته عن غيره ، والواحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله . ... .
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
إنّ الألف واللام في «الشفع والوتر » إن كانا للتعميم ، فكلّ المعاني تجتمع فيهما ، وكلّ معنى سيكون مصداقا من مصاديق «الشفع » و«الوتر » ، ولا داعي والحال هذه إلى حصر التّفسير بإحدى المعاني المذكورة ، بل كلّ منها تطبيق على مصداق بارز . أمّا إذا كانا للتعريف ، فستكون إشارتهما إلى زوج وفرد خاصين ، وفي هذه الحال سيكون تفسيران من التّفاسير المذكورة أكثر من غيرهما مناسبة وقرباً مع مراد الآية ، وهما : الأوّل : المراد بهما يومي العيد وعرفة ، وهذا ما يناسب ذكر الليالي العشر الاُولى من شهر ذي الحجّة ، وفيهما تؤدى أهم فقرات مناسك الحج . الثّاني : أنّهما يشيران إلى «الصلاة » ، بقرينة ذكر «الفجر » ، وهو وقت السحر ووقت الدعاء والتضرع إلى اللّه عزّ وجلّ . ...