السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ} (3)

{ والشفع } ، أي : الزوج { والوتر } ، أي : الفرد ، وقيل : الشفع الخلق كلهم قال الله تعالى : { وخلقناكم أزواجاً } [ النبأ : 8 ] والوتر هو الله تعالى . قاله أبو سعيد الخدري . وقال مجاهد ومسروق : الشفع الخلق كله ، قال الله تعالى : { ومن كل شيء خلقنا زوجين } [ الذاريات : 49 ] الكفر والإيمان ، والهدى والضلال ، والسعادة والشقاوة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والبر والبحر ، والشمس والقمر ، والجنّ والإنس ، والوتر هو الله تعالى { قل هو الله أحد } [ الإخلاص : 1 ] . وقال قتادة : هما الصلوات منها شفع ومنها وتر . روى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعاً وعن ابن عباس الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب . وقال الحسين بن الفضل : الشفع درجات الجنة لأنها ثمان ، والوتر دركات النار لأنها سبع دركات . سئل أبو بكر الوراق عن الشفع والوتر فقال : الشفع تضاد أوصاف المخلوقين من العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوّة والضعف ، والعلم والجهل ، والبصر والعمى . والوتر انفراد صفات الله سبحانه وتعالى عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوّة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا موت . وعن عكرمة الوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر ، واختاره النحاس وقال هو الذي صح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فيوم عرفة وتر لأنه تاسعها ويوم النحر شفع لأنه عاشرها . وقال ابن الزبير : الشفع الحادي عشر والثاني عشر من أيام منى ، والوتر الثالث عشر . وقال الضحاك : الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام منى الثلاثة . وقيل : الشفع والوتر آدم عليه السلام كان وتراً فشفع بزوجته حوّاء ، حكاه القشيريّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما . وقرأ حمزة والكسائيّ بكسر الواو والباقون بفتحها وهما لغتان الفتح لغة قريش ومن والاها والكسر لغة تميم .