{ والشفع والوتر } هما يَعُمَانِ الأشياء كلها شفعها ووترها ، كالكفر والإيمان ، والهدى والضلال ، والسعادة والشقاوة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والبر والبحر ، والشمس والقمر ، والجن والإنس ، وقيل شفع الليالي ووترها ، وقال قتادة الشفع والوتر شفع الصلاة ووترها منها شفع ومنها وتر ، وقيل الشفع يوم عرفة ويوم النحر ، والوتر ليلة يوم النحر ، وقال مجاهد وعطية العوفي الشفع الخلق والوتر الله الواحد الصمد وبه قال محمد بن سيرين ومسروق وأبو صالح وقتادة ، وقال الربيع بن أنس وأبو العالية هي صلاة المغرب فيها ركعتان الوتر الركعة .
وقال الضحاك الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام منى الثلاثة ، وبه قال عطاء وقيل هما آدم وحواء لأن آدم كان وترا فشفع بحواء ، وقيل الشفع درجات الجنة وهي ثمان والوتر دركات النار وهي سبع وبه قال الحسين بن الفضل وقيل الشفع الصفا والمروة والوتر الكعبة ، وقال مقاتل الشفع الأيام والليالي والوتر اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة .
وقال سفيان بن عيينة الوتر هو الله سبحانه ، وهو الشفع أيضا لقوله { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } الآية وقال الحسن المراد بالشفع والوتر العدد كله لأن العدد لا يخلو عنهما ، وقيل الشفع مسجد مكة والمدينة ، والوتر مسجد بيت المقدس ، وقيل الشفع حج القران والوتر الإفراد ، وقيل الشفع الحيوان لأنه ذكر وأنثى والوتر الجماد ، وقيل الشفع ما سمي ، والوتر ما لم يسم .
ولا يخفاك ما في غالب هذه الأقوال من السقوط البين ، والضعف الظاهر ، والاتكال في التعيين على مجرد الرأي الزائف والخاطر الخاطئ ، والذي ينبغي التعويل عليه ويتعين المصير إليه ما يدل عليه معنى الشفع والوتر في كلام العرب وهما معروفان واضحان ، فالشفع عند العرب الزوج ، والوتر الفرد .
فالمراد بالآية إما نفس العدد أو ما يصدق عليه من المعدودات بأنه شفع أو وتر ، وإذا قام دليل على تعيين شيء من المعدودات في تفسير هذه الآية فإن كان الدليل يدل على أنه المراد نفسه دون غيره فذاك ، وإن كان الدليل يدل على أنه مما تناولته هذه الآية لم يكن ذلك مانعا من تناولها لغيره .
عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر ، فقال : " هو الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر " أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما وفي إسناده رجل مجهول وهو الراوي له عن عمران{[1711]} .
وقد روي عن عمران بن عصام عن عمران بن حصين بإسقاطه الرجل المجهول ، وقال الترمذي في الرواية الأولى غريب لا نعرفه إلا من حديث قتادة .
قال ابن كثير وعندي أن وقفه على عمران أشبه والله تعالى أعلم ، قال ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير هذا الحديث موقوفا على عمران ، فهذا يقوي ما قاله ابن كثير .
وعن جابر مرفوعا " أن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر " أخرجه أحمد والنسائي والبزار والحاكم وصححه وغيرهم .
وعن ابن عباس قال كل شيء شفع فهو اثنان ، والوتر واحد . وعن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه سئل عن الشفع والوتر فقال يومان وليلة يوم عرفة ويوم النحر ، والوتر ليلة النحر ليلة جمع " أخرجه الطبراني وابن مردويه ، قال السيوطي بسند ضعيف .
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " الشفع اليومان والوتر اليوم الثالث " أخرجه ابن جرير ، وعن ابن الزبير قال الشفع قول الله { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } والوتر اليوم الثالث وفي لفظ الوتر أوسط أيام التشريق .
وعن ابن عباس قال الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة .
قرأ الجمهور الوتر بفتح الواو ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بكسرها وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه ، وهما لغتان ، والفتح لغة قريش وأهل الحجاز ، والكسر لغة تميم . قال الأصمعي كل فرد وتر ، وأهل الحجاز يفتحون فيقولون وتر في الفرد ، وحكى يونس عن ابن كثير قرأ بفتح الواو وكسر التاء فيحتمل أن يكون لغة ثالثة . ويحتمل أنه نقل كسرة الراء إلى التاء إجراء للوصل مجرى الوقف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.