المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

119- وقد أرسلناك بحقائق يقينية بشيراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين ، وليس عليك إلا تبليغ رسالتنا ، ولن تُسأل عن عدم إيمان من لم يؤمن بك من أصحاب الجحيم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

قوله تعالى : { إنا أرسلناك بالحق } . أي بالصدق كقوله ( ويستنبئونك أحق هو ؟قل أي وربي إنه لحق ) أي صدق ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : بالقرآن دليله { بل كذبوا بالحق لما جاءهم } وقال ابن كيسان : بالإسلام وشرائعه ، دليله قوله عز وجل : { وقل جاء الحق } وقال مقاتل : معناه لم نرسلك عبثاً ، وإنما أرسلناك بالحق كما قال : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } .

قوله تعالى : { بشيراً } . أي مبشراً لأوليائي وأهل طاعتي بالثواب الكريم .

قوله تعالى : { ونذيراً } . أي منذراً مخوفاً لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم ، قرأ نافع و يعقوب .

قوله تعالى : { ولا تسأل } . على النهي قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : " ليت شعري ما فعل أبواي " فنزلت هذه الآية ، وقيل : هو على معنى ولا تسأل عن شر فلان فإنه فوق ما تحسب وليس على النهي ، وقرأ الآخرون ولا تسأل بالرفع على النفي بمعنى ولست بمسؤول عنهم ، كما قال الله تعالى : { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } .

قوله تعالى : { عن أصحاب الجحيم } . والجحيم معظم النار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

ثم ذكر تعالى بعض آية موجزة مختصرة جامعة للآيات الدالة على صدقه صلى الله عليه وسلم وصحة ما جاء به فقال : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } فهذا مشتمل على الآيات التي جاء بها ، وهي ترجع إلى ثلاثة أمور :

الأول : في نفس إرساله ، والثاني : في سيرته وهديه ودله ، والثالث : في معرفة ما جاء به من القرآن والسنة .

فالأول والثاني ، قد دخلا في قوله : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } والثالث دخل في قوله : { بِالْحَقِّ }

وبيان الأمر الأول وهو - نفس إرساله - أنه قد علم حالة أهل الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم وما كانوا عليه من عبادة الأوثان والنيران ، والصلبان ، وتبديلهم للأديان ، حتى كانوا في ظلمة من الكفر ، قد عمتهم وشملتهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب ، قد انقرضوا قبيل البعثة .

وقد علم أن الله تعالى لم يخلق خلقه سدى ، ولم يتركهم هملا ، لأنه حكيم عليم ، قدير رحيم ، فمن حكمته ورحمته بعباده ، أن أرسل إليهم هذا الرسول العظيم ، يأمرهم بعبادة الرحمن وحده لا شريك له ، فبمجرد رسالته يعرف العاقل صدقه ، وهو آية كبيرة على أنه رسول الله ، وأما الثاني : فمن عرف النبي صلى الله عليه وسلم معرفة تامة ، وعرف سيرته وهديه قبل البعثة ، ونشوءه على أكمل الخصال ، ثم من بعد ذلك ،

قد ازدادت مكارمه وأخلاقه العظيمة الباهرة للناظرين ، فمن عرفها ، وسبر أحواله ، عرف أنها لا تكون إلا أخلاق الأنبياء الكاملين ، لأن الله تعالى جعل الأوصاف أكبر دليل على معرفة أصحابها وصدقهم وكذبهم .

وأما الثالث : فهو معرفة ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الشرع العظيم ، والقرآن الكريم ، المشتمل على الإخبارات الصادقة ، والأوامر الحسنة ، والنهي عن كل قبيح ، والمعجزات الباهرة ، فجميع الآيات تدخل في هذه الثلاثة .

قوله : { بَشِيرًا } أي لمن أطاعك بالسعادة الدنيوية والأخروية ، { نَذِيرًا } لمن عصاك بالشقاوة والهلاك الدنيوي والأخروي .

{ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } أي : لست مسئولا عنهم ، إنما عليك البلاغ ، وعلينا الحساب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

ثم ساق القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم ما يسليه ويثبته فقال : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بالحق بَشِيراً . . . }

قوله : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بالحق بَشِيراً وَنَذِيراً } معناه : إنا أرسلناك يا محمد بالدين الصحيح المشتمل على الأحكام الصادقة ، لتبشر بالثواب من آمن وعمل صالحاً ، وتنذر بالعقاب من كفر وعصى .

وصدرت الآية الكريمة بحرف التأكيد ، لمزيد الاهتمام بهذا الخبر ، وللتنويه بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم .

وجيء بالمسند إليه ضمير الجلالة ، تشريفاً للنبي صلى الله عليه وسلم فكأن الله - تعالى - يشافهه بهذا الكلام بدون واسطة ، ولذا لم يقل له إن الله أرسلك .

وقوله : { بالحق } متعلق بأرسلناك . والحق : مأخوذ من حق الشيء ، أي : واجب وثبت ، ويطلق الحق على الحكم الصادق المطابق للواقع ، ويسمى الدين الصحيح حقاً لاشتماله على الأحكام الصادقة .

وقوله : { بَشِيراً وَنَذِيراً } حالان ، والبشير : المبشر ، وهو المخبر بالأمر السار للمخبر به الذي لم يسبق له علم به . والنذير : المنذر ، وهو المخبر بالأمر المخوف ليحذر منه .

وجملة { وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجحيم } معطوف على جملة { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } .

والجحيم : المتأجج من النار . وأصحابها : الملازمون لها . والسؤال : كناية عن المؤاخذة واللوم .

والمعنى : لا تذهب نفسك عليهم حسرات يا محمد ، فإن وظيفتك أن تبشر وتنذر ولست بعد ذلك مؤاخذاً ببقاء الكافرين على كفرهم ، ولست مسؤولا عن عدم اهتدائهم { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب } وفي وصفهم بأنهم أصحاب الجحيم ، إشعار بأنهم قد طبع على قلوبهم ، فصاروا لا يرجى منها الرجوع عن الكفر .

وفي هذه الجملة مع قوله : { بَشِيراً وَنَذِيراً } تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم حيث لم يؤمن به أولئك الجاحدون المتعنتون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

104

وإذا انتهت مقولاتهم ، وفندت أباطيلهم ، وكشفت الدوافع الكامنة وراء أضاليلهم ، يتجه الخطاب إلى رسول الله [ ص ] يبين له وظيفته ، ويحدد له تبعاته ، ويكشف له عن حقيقة المعركة بينه وبين اليهود والنصارى ، وطبيعة الخلاف الذي لا حل له إلا بثمن لا يملكه ولا يستطيعه ! ولو أداه لتعرض لغضب الله مولاه ؛ وحاشاه !

إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ، ولا تسأل عن أصحاب الجحيم . ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم . قل : إن هدى الله هو الهدى ، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير . الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته . أولئك يؤمنون به . ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون . .

( إنا أرسلناك بالحق ) . . وهي كلمة فيها من التثبيت ما يقضي على شبهات المضللين ، ومحاولات الكائدين ، وتلبيس الملفقين . وفي جرسها صرامة توحي بالجزم واليقين .

( بشيرا ونذيرا ) . . وظيفتك البلاغ والأداء ، تبشر الطائعين وتنذر العصاة ، فينتهي دورك .

( ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ) . . الذي يدخلون الجحيم بمعصيتهم ، وتبعتهم على أنفسهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

[ قوله تعالى ]{[2609]} { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الفزاري عن شيبان النحوي ، أخبرني قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنزلت علي : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } قال : " بشيرًا بالجنة ، ونذيرًا من النار " {[2610]} .

وقوله : { وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } قراءة أكثرهم{[2611]} { وَلا تُسْأَلُ } بضم التاء على الخبر . وفي قراءة أبي بن كعب : " وما تسأل " وفي قراءة ابن مسعود : " ولن تسأل عن أصحاب الجحيم "

نقلهما{[2612]} ابن جرير ، أي : لا نسألك عن كفر من كفر بك ، { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] وكقوله تعالى :

{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمصَيْطِرٍ } الآية [ الغاشية : 21 ، 22 ] وكقوله تعالى : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } [ ق : 45 ] وأشباه ذلك من الآيات .

وقرأ آخرون{[2613]} " ولا تَسْأَلْ عن أصحاب الجحيم " بفتح التاء على النهي ، أي : لا تسأل عن حالهم ، كما قال عبد الرزاق :

أخبرنا الثوري ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليت شعري ما فعل أبواي ، ليت شعري ما فعل أبواي ، ليت شعري ما فعل أبواي ؟ " . فنزلت : { وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } فما ذكرهما {[2614]} حتى توفاه الله ، عز وجل .

ورواه ابن جرير ، عن أبي كُرَيب ، عن وَكِيع ، عن موسى بن عبيدة ، [ وقد تكلموا فيه عن محمد بن كعب ]{[2615]} بمثله{[2616]} وقد حكاه القرطبي عن ابن عباس ومحمد بن كعب قال القرطبي : وهذا كما يقال لا تسأل عن فلان ؛ أي : قد بلغ فوق ما تحسب ، وقد ذكرنا في التذكرة أن الله أحيا له أبويه حتى آمنا ، وأجبنا عن قوله : ( إن أبي وأباك في النار ) . ( قلت ) : والحديث المروي في حياة أبويه عليه السلام ليس في شيء من الكتب الستة ولا غيرها ، وإسناده ضعيف والله أعلم .

ثم قال [ ابن جرير ]{[2617]} وحدثني القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، أخبرني داود بن أبي عاصم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : " أين أبواي ؟ " . فنزلت : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }{[2618]} .

وهذا مرسل كالذي قبله . وقد رد ابن جرير هذا القول المروي عن محمد بن كعب [ القرظي ]{[2619]} وغيره في ذلك ، لاستحالة الشك من الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر أبويه . واختار القراءة الأولى . وهذا الذي سلكه هاهنا فيه نظر ، لاحتمال أن هذا كان في حال استغفاره لأبويه قبل أن يعلم أمرهما ، فلما علم ذلك تبرأ منهما ، وأخبر عنهما أنهما من أهل النار [ كما ثبت ذلك في الصحيح ]{[2620]} ولهذا أشباه كثيرة ونظائر ، ولا يلزم ما ذكر{[2621]} ابن جرير . والله أعلم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا فُلَيح بن سليمان ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، قال : لقيت عبد الله بن عَمْرو بن العاص ، فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . فقال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا ، وحرزًا للأميين ، وأنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، لا فظٍّ ولا غليظ ولا سَخَّاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله . فيفتح به أعينا عُمْيًا ، وآذانًا صُمًّا ، وقلوبا غُلْفًا .

انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه في البيوع عن محمد بن سنان ، عن فُلَيح ، به{[2622]} . وقال : تابعه عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن هلال . وقال سعيد : عن هلال ، عن عطاء ، عن عبد الله بن سلام . ورواه في التفسير عن عبد الله ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن هلال ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، به{[2623]} . فذكر نحوه ، فعبد الله هذا هو ابن صالح ، كما صرح به في كتاب الأدب . وزعم أبو مسعود الدمشقي أنه عبد الله بن رجاء .

وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويه في تفسير هذه الآية من البقرة ، عن أحمد بن الحسن بن أيوب ، عن محمد بن أحمد بن البراء ، عن المعافَى بن سليمان ، عن فليح ، به . وزاد : قال عطاء : ثم لقيت كعب الأحبار ، فسألته فما اختلفا في حرف ، إلا أن كعبًا قال بلُغَتِهِ : أعينًا عمومى ، وآذانًا صمومى ، وقلوبًا غلوفًا{[2624]}


[2609]:زيادة من ط.
[2610]:تفسير ابن أبي حاتم (1/354).
[2611]:في ب، أ، و: "قراءة بعضهم".
[2612]:في ب، ط: "نقلهما".
[2613]:في أ: "وقرأ البصريون".
[2614]:في أ: "فما ذكره".
[2615]:تفسير عبد الرزاق (2/78) وتفسير الطبري (2/558) وموسى بن عبيدة ضعيف جدا.
[2616]:زيادة من ط، أ.
[2617]:زيادة من ط، أ.
[2618]:تفسير الطبري (2/559).
[2619]:زيادة من ط.
[2620]:زيادة من أ.
[2621]:في أ، و: "ما ذكره".
[2622]:المسند (2/174) وصحيح البخاري برقم (2125).
[2623]:صحيح البخاري برقم (4838).
[2624]:في ط: "وقلوبا غلفى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِنّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }

ومعنى قوله جلّ ثناؤه : { إنّا أرْسَلْناكَ بالحَقّ بَشِيرا وَنَذِيرا } إنا أرسلناك يا محمد بالإسلام الذي لا أقبل من أحد غيره من الأديان وهو الحقّ مبشرا من اتبعك فأطاعك وقَبِلَ منك ما دعوته إليه من الحقّ ، بالنصر في الدنيا ، والظفر بالثواب في الاَخرة ، والنعيم المقيم فيها ومنذرا من عصاك فخالفك وردّ عليك ما دعوته إليه من الحقّ بالخزي في الدنيا ، والذلّ فيها ، والعذاب المهين في الاَخرة .

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلا تُسْألُ عَنْ أصْحَاب الجَحِيمِ } وقال أبو جعفر : قرأت عامة القراء : وَلا تُسألُ عَنْ أصْحَابِ الجَحِيمِ بضم التاء من «تُسأل » ورفع اللام منها على الخبر ، بمعنى : يا محمد إنا أرسلناك بالحقّ بشيرا ونذيرا ، فبلغت ما أرسلت به ، وإنما عليك البلاغ والإنذار ، ولست مسئولاً عمن كفر بما أتيته به من الحقّ وكان من أهل الجحيم .

وقرأ ذلك بعض أهل المدينة : «وَلا تَسْألْ » جزما بمعنى النهي مفتوح التاء من «تَسأل » ، وجَزْم اللام منها . ومعنى ذلك على قراءة هؤلاء : إنا أرسلناك بالحقّ بشيرا ونذيرا لتبلغ ما أرسلت به ، لا لتسأل عن أصحاب الجحيم ، فلا تسألْ عن حالهم . وتأوّل الذين قرءوا هذه القراءة ما :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَيْتَ شِعْرِي ما فَعَلَ أبَوَايَ » فنزلت : { وَلا تُسألُ عَنْ أصْحابِ الجَحِيمِ } .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَيْتَ شِعْرِي ما فَعَلَ أبَوَايَ لَيْتَ شِعْرِي ما فَعَلَ أبَوَايَ لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوايَ » » ثلاثا ، فنزلت : { إنّا أرْسَلْنَاكَ بالحَقّ بَشِيرا وَنَذِيرا وَلا تُسألُ عَنْ أصْحابِ الجَحِيمِ } فما ذكرهما حتى توفاه الله .

حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني داود بن أبي عاصم ، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : «لَيْتَ شِعْرِي أيْنَ أبَوَايَ ؟ » فنزلت : { إنّا أرْسَلْنَاكَ بالحَقّ بَشِيرا وَنَذِيرا وَلا تُسألُ عَنْ أصْحابِ الجَحِيمِ } .

والصواب عندي من القراءة في ذلك قراءة من قرأ بالرفع على الخبر لأن الله جل ثناؤه قصّ قصص أقوام من اليهود والنصارى ، وذكر ضلالتهم ، وكُفْرَهم بالله ، وجراءَتهم على أنبيائه ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : إنا أرسلناك يا محمد بشيرا من آمن بك واتبعك ممن قصصت عليك أنباءه ومن لم أقصص عليك أنباءه ، ونذيرا من كفر بك وخالفك ، فبلّغ رسالتي ، فليس عليك من أعمال من كفر بك بعد إبلاغك إياه رسالتي تبعة ، ولا أنت مسئول عما فعل بعد ذلك . ولم يجر لمسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عن أصحاب الجحيم ذكر ، فيكون لقوله : { وَلا تُسألُ عَنْ أصْحَابِ الجَحِيمِ }وجهٌ يوجّه إليه .

وإنما الكلام موجه معناه إلى ما دلّ عليه ظاهره المفهوم ، حتى تأتي دلالة بيّنة تقوم بها الحجة على أن المراد به غير ما دلّ عليه ظاهره فيكون حينئذ مسلما للحجة الثابتة بذلك . ولا خبر تقوم به الحجة على أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نُهي عن أن يسأل في هذه الآية عن أصحاب الجحيم ، ولا دلالة تدلّ على أن ذلك كذلك في ظاهر التنزيل .

والواجب أن يكون تأويل ذلك الخبر على ما مضى ذكره قبل هذه الآية وعمن ذكر بعدها من اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الكفر ، دون النهي عن المسألة عنهم .

فإن ظنّ ظانّ أن الخبر الذي رُوي عن محمد بن كعب صحيح ، فإن في استحالة الشكّ من الرسول عليه السلام في أن أهل الشرك من أهل الجحيم ، وأن أبويه كانا منهم ، ما يدفع صحة ما قاله محمد بن كعب إن كان الخبر عنه صحيحا ، مع أن ابتداء الله الخبر بعد قوله : { إنّا أرْسَلْنَاكَ بالحَقّ بَشِيرا وَنَذِيرا } بالواو بقوله : ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ، وتركه وصل ذلك بأوله بالفاء ، وأن يكون : { إنا أرسلناك بالحقّ بشيرا ونذيرا } ، ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ، أوضح الدلائل على أن الخبر بقوله : { ولا تسأل } ، أولى من النهي ، والرفع به أولى من الجزم .

وقد ذكر أنها في قراءة أبيّ : «وَما تُسْألُ » وفي قراءة ابن مسعود : «وَلَنْ تُسْألَ » وكلتا هاتين القراءتين تشهد بالرفع والخبر فيه دون النهي .

وقد كان بعض نحويي البصرة يوجه قوله : { وَلا تُسْألُ عَنْ أصْحَابِ الجَحِيمِ } إلى الحال ، كأنه كان يرى أن معناه : إنا أرسلناك بالحقّ بشيرا ونذيرا غير مسئول عن أصحاب الجحيم . وذلك إذا ضم التاء ، وقرأه على معنى الخبر ، وكان يجيز على ذلك قراءته : «ولا تَسْألُ » ، بفتح التاء وضم اللام على وجه الخبر بمعنى : إنا أرسلناك بالحقّ بشيرا ونذيرا ، غير سائل عن أصحاب الجحيم . وقد بينا الصواب عندنا في ذلك .

وهذان القولان اللذان ذكرتهما عن البصري في ذلك يرفعهما ما رُوي عن ابن مسعود وأبيّ من القراءة لأن إدخالهما ما أدخلا من ذلك من ( ما ) ، و( لن ) يدلّ على انقطاع الكلام عن أوله وابتداء قوله : وَلا تُسْألُ وإذا كان ابتداءً لم يكن حالاً . وأما أصحاب الجحيم ، فالجحيم هي النار بعينها إذا شبّت وقودها ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت :

إذا شُبّتْ جَهَنّمُ ثُمّ دَارَتْ وأعْرَضَ عَنْ قَوَابِسِها الجَحِيمُ

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

{ إنا أرسلناك بالحق } متلبسا مؤيدا به . { بشيرا ونذيرا } فلا عليك إن أصروا وكابروا . { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } ما لهم لم يؤمنوا بعد أن بلغت . وقرأ نافع ويعقوب : لا تسأل ، على أنه نهي للرسول صلى الله عليه وسلم عن السؤال عن حال أبويه . أو تعظيم لعقوبة الكفار كأنها لفظاعتها لا يقدر أن يخبر عنها ، أو السامع لا يصبر على استماع خبرها فنهاه عن السؤال والجحيم : المتأجج من النار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }( 119 )

المعنى { بشيراً } لمن آمن ، { ونذيراً } لمن كفر ، وقرأ( {[1192]} ) نافع وحده «ولا تسألْ » بالجزم على النهي ، وفي ذلك معنيان : أحدهما لا تسأل على جهة التعظيم لحالهم من العذاب ، كما تقول : فلان لا تسأل عنه ، تعني أنه في نهاية تشهره من خير أو شر ، والمعنى الثاني( {[1193]} ) روي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ليت شعري ما فعل أبواي » فنزلت { ولا تسأل }( {[1194]} ) .

وحكى المهدوي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ليت شعري أي أبوي أحدث موتاً » ، فنزلت( {[1195]} ) .

قال القاضي أبو محمد : وهذا خطأ ممن رواه أو ظنه لأن أباه مات وهو في بطن أمه ، وقيل وهو ابن شهر ، وقيل ابن شهرين ، وماتت أمه بعد ذلك بخمس سنين منصرفة به من المدينة من زيارة أخواله ، فهذا مما لا يتوهم أنه خفي عليه صلى الله عليه وسلم ، وقرأ باقي السبعة «ولا تُسألُ » بضم التاء واللام ، وقرأ قوم «ولا تَسألُ » بفتح التاء وضم اللام ، ويتجه في هاتين القراءتين معنيان : أحدهما الخبر أنه لا يسأل عنهم ، أو لا يسأل هو عنهم ، والآخر أن يراد معنى الحال كأنه قال : وغير مسؤول( {[1196]} ) أو غير سائل( {[1197]} ) عنهم ، عطفاً على قوله { بشيراً ونذيراً } ، وقرأ أبي بن كعب «وما تسأل » وقرأ ابن مسعود «ولن تسأل » ، وهاتان القراءتان تؤيدان معنى القطع والاستئناف في غيرهما( {[1198]} ) ، و { الجحيم } إحدى طبقات النار .


[1192]:- ذكر الواحدي في الوسيط أن نافعا قرأ (تسأل) بفتح التاء وجزء اللام على النهي للنبي صلى الله عليه وسلم. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عن قبر أبيه وأمه فدله عليهما، فذهب إلى القبرين ودعا لهما وتمنى أن يعرف حال أبويه في الآخرة فنزلت الآية، وهذا ما ذكره، والذي نعتقده ونتقرب به إلى الله تعالى نجاتهما لما بينه الحافظ السيوطي في مؤلفاته في هذا الموضوع، فإنه قد أزال كل شبهة رضي الله عنه وأرضاه.
[1193]:- هذا المعنى الثاني ذكر فيه المؤلف قولين – الأول ما روي عن محمد بن كعب القرظي- والثاني ما حكاه المهدوي رحمه الله، وقد اعترض على الثاني وخطأه.
[1194]:- رواه عبد الرزاق، وابن جرير بسندهما عن محمد بن كعب القرظي، قال الحافظ السيوطي فيما رواه عبد الرزاق: إنه مرسل ضعيف الإسناد، وفيما رواه ابن جرير: إنه معضل الإسناد ضعيف لا تقوم بهما حجة. وقد رد ابن جرير رحمه الله ما روي عن محمد ابن كعب وغيره، انظره.
[1195]:- ما حكاه المهدوي من رواية: (أي أبوي أحدث موتا) هراء من القول، ولذلك اعترض عليه ابن عطية رحمه الله بلهجة حادة.
[1196]:- أي أنه لا يكون مسؤلا ولا مؤاخذا بكفر من كفر بعد التبشير والإنذار.
[1197]:- يعني أن علم الله بكفرهم بعد إنذارهم يغني عن سؤاله عنهم، وفي هذا ما يدل على أن أحدا لا يسأل عن ذنب أحد، (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
[1198]:- قال (ح) قراءة الجمهور وقراءة أبي بن كعب تحتمل الاستئناف وهو الأظهر، وتحتمل أن تكون في موضع الحال- وأما قراءة ابن مسعود فيتعين فيها الاستئناف، والمعنى على الاستئناف أنك لا تسأل عن الكفار ما لهم لم يؤمنوا، لأن ذلك ليس إليك، إن عليك إلا البلاغ، فكأنه قيل: لست مسئولا عنهم فلا يحزنك كفرهم، وأما قراءة نافع فهي على الاستئناف- تأمل، والله أعلم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

جملة معترضة بين حكايات أحوال المشركين وأهل الكتاب ، القصد منها تأنيس الرسول عليه الصلاة والسلام من أسفه على ما لقيه من أهل الكتاب مما يماثل ما لقيه من المشركين وقد كان يود أن يؤمن به أهل الكتاب فيتأيد بهم الإسلام على المشركين فإذا هو يلقى منهم ما لقي من المشركين أو أشد وقد قال « لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود كلهم » فكان لتذكير الله إياه بأنه أرسله تهدئة لخاطره الشريف وعذر له إذ أبلغ الرسالة وتطمين لنفسه بأنه غير مسؤول عن قوم رضوا لأنفسهم بالجحيم . وفيه تمهيد للتأييس من إيمان اليهود والنصارى .

وجيء بالتأكيد وإن كان النبي لا يتردد في ذلك لمزيد الاهتمام بهذا الخبر وبيان أنه ينوه به لما تضمنه من تنويه شأن الرسول .

وجيء بالمسند إليه ضمير الجلالة تشريفاً للنبيء صلى الله عليه وسلم بعز الحضور لمقام التكلم مع الخالق تعالى وتقدس كأن الله يشافهه بهذا الكلام بدون واسطة فلذا لم يقل له إن الله أرسلك .

وقوله : { بالحق } متعلق بأرسلناك . والحق هو الهدى والإسلام والقرآن وغير ذلك من وجوه الحق المعجزات وهي كلها ملابسة للنبيء صلى الله عليه وسلم في رسالته بعضها بملابسة التبليغ وبعضها بملابسة التأييد . فالمعنى إنك رسول الله وإن القرآن حق منزل من الله .

وقوله : { بشيراً ونذيراً } حالان وهما بزنة فعيل بمعنى فاعل مأخوذان من بشر المضاعف وأنذر المزيد فمجيئهما من الرباعي على خلاف القياس كالقول في { بديع السماوات والأرض } [ البقرة : 117 ] المتقدم آنفاً ، وقيل : البشير مشتق من بشر المخفف الشين من باب نصر ولا داعي إليه .

وقوله : { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } الواو للعطف وهو إما على جملة { إنا أرسلناك } أو على الحال في قوله : { بشيراً ونذيراً } ويجوز كون الواو للحال .

قرأ نافع ويعقوب بفتح الفوقية وسكون اللام على أنَّ ( لا ) حرف نهي جازم للمضارع وهو عطف إنشاء على خبر والسؤال هنا مستعمل في الاهتمام والتطلع إلى معرفة الحال مجازاً مرسلاً بعلاقة اللزوم لأن المعني بالشيء المتطلع لمعرفة أحواله يكثر من السؤال عنه ، أو هو كناية عن فظاعة أحوال المشركين والكافرين حتى إن المتفكر في مصير حالهم ينهى عن الاشتغال بذلك لأنها أحوال لا يحيط بها الوصف ولا يبلغ إلى كنهها العقل في فظاعتها وشناعتها ، وذلك أن النهي عن السؤال يرد لمعنى تعظيم أمر المسؤول عنه نحو قول عائشة : « يصلي أربعاً فلا تَسْأَلْ عن حسنهن وطولهن » ولهذا شاع عند أهل العلم إلقاء المسائل الصعبة بطريقة السؤال نحو ( فإن قلت ) للاهتمام .

وقرأه جمهور العشرة بضم الفوقية ورفع اللام على أن ( لا ) نافية أي لا يسألك الله عن أصحاب الجحيم وهو تقرير لمضمون { إنا أرسلناك بالحق } والسؤال كناية عن المؤاخذة واللوم مثل قوله صلى الله عليه وسلم " وكلكم مسؤول عن رعيته " أي لست مؤاخذاً ببقاء الكافرين على كفرهم بعد أن بلغت لهم الدعوة .

وما قيل إن الآية نزلت في نهيه صلى الله عليه وسلم عن السؤال عن حال أبويه في الآخرة فهو استناد لرواية واهية ولوصحت لكان حمل الآية على ذلك مجافياً للبلاغة إذ قد علمت أن قوله : { إنا أرسلناك } تأنيس وتسكين فالإتيان معه بما يذكِّر المكدرات خروج عن الغرض وهو مما يعبر عنه بفساد الوضع .