التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

وقوله : { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا } يبين الله تباركت أسماؤه أنه أرسل نبيه محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) بالحق وهو الدين القيم الكامل فهو حق فيما حواه من رائع العقيدة الثابتة العميقة المكينة ، ومن زاجر التشريع العظيم الذي يغطي الحياة البشرية برمتها ، ومن جليل القيم وجلال المثاليات وحميد الأخلاق وكل الخصال الإنسانية الرفيعة التي غابت شمسها عن وجه المجتمعات في هذه الأرض باستثناء هذه الأمة الكريمة العتيدة التي تجلت فيها المثاليات ومكارم الأخلاق على أروع صورة .

وكذلك قد أرسل الله نبيه الكريم ليكون للناس بشيرا يحمل إليهم أخبار السعادة والأمن والطمأنينة وأخبار الجنة وما حوته من خيرات ليس لها في هذه الدنيا نظير .

وهو عليه السلام مبعوث أيضا ؛ ليكون للناس نذيرا يخوفهم من سخط الله وعذابه ، ويحذرهم من انتقامه الذي لا يرد عن الفاسقين إذا حاق بساحتهم ، وهو كذلك يخوفهم من شديد عقابه الأكبر في اليوم العسير المشهود يوم القيامة .

قوله : { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } الواو السابقة للنفي تفيد العطف . أي أن مهمة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تتأدى على وجهها الصحيح الأوفى إذا بلغ رسالته للناس وقام بوجيبة التبشير لهم والتنذير دون تقاعس أو تحفظ أو وجل . وبذلك تبرأ الذمة ويستتم الأداء للأمانة ولا عليه بعد ذلك إذا ما لجت الأمة أو تمردت على دعوة الحق ، فهو عليه السلام ليس مسؤولا عنهم إذا ما كبكبوا في الجحيم . وفي مثل هذا الموقف يقول سبحانه في آية أخرى : { فإنما عليك وعلينا الحساب } ويقول عز من قائل : { نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } {[124]} .


[124]:- الكشاف جـ 1 ص 308 وتفسير النسفي جـ 1 ص 71.