في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

104

وإذا انتهت مقولاتهم ، وفندت أباطيلهم ، وكشفت الدوافع الكامنة وراء أضاليلهم ، يتجه الخطاب إلى رسول الله [ ص ] يبين له وظيفته ، ويحدد له تبعاته ، ويكشف له عن حقيقة المعركة بينه وبين اليهود والنصارى ، وطبيعة الخلاف الذي لا حل له إلا بثمن لا يملكه ولا يستطيعه ! ولو أداه لتعرض لغضب الله مولاه ؛ وحاشاه !

إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ، ولا تسأل عن أصحاب الجحيم . ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم . قل : إن هدى الله هو الهدى ، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير . الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته . أولئك يؤمنون به . ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون . .

( إنا أرسلناك بالحق ) . . وهي كلمة فيها من التثبيت ما يقضي على شبهات المضللين ، ومحاولات الكائدين ، وتلبيس الملفقين . وفي جرسها صرامة توحي بالجزم واليقين .

( بشيرا ونذيرا ) . . وظيفتك البلاغ والأداء ، تبشر الطائعين وتنذر العصاة ، فينتهي دورك .

( ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ) . . الذي يدخلون الجحيم بمعصيتهم ، وتبعتهم على أنفسهم .