الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

قوله : ( وَلاَ تَسْأَلْ عَنَ اَصْحَابِ الجَحِيمِ ) [ 118 ] .

معناه التعظيم لما هم فيه كما تقول : " لا تسال عن فلان " أي( {[3780]} ) قد بلغ فوق ما تظن .

وقيل : هو نهي نهى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك لما روي أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[3781]} ) . قال : " لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوَايَ " ، فأنزل الله عز وجل ، ( وَلاَ( {[3782]} ) تَسْأَلْ عَنَ اَصْحَابِ الجحيم )/ فما( {[3783]} ) سأل عنهم [ صلى الله عليه وسلم ]( {[3784]} ) حتى مات( {[3785]} ) .

ومن قرأ بالرفع ، فهو في موضع الحال ، تقديره : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ) وغير مسؤول عن أصحاب الجحيم " ( {[3786]} ) .

وقيل : هو( {[3787]} ) نفي ، ولا " بمعنى " ليس كأنه قال : " ولست( {[3788]} ) تسأل " كأنه أخبره أنه لا يسْأَلُ عن ذلك .

واختار جماعة( {[3789]} ) الرفع لأن الكلام المتقدم يدل عليه ، لأنه تعالى قال بعد ذكر اليهود والنصارى( {[3790]} ) وما صنعوا :

( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ) [ 118 ] .

أي : بشيراً لمن اتبعك ، ونذيراً لمن كفر بك ، " غير مسؤول عمن كفر بك( {[3791]} ) . ولم يجر ما يوجب النهي . فجري الكلام على أوله أولى من جريه على( {[3792]} ) خبر آحاد يقطعه( {[3793]} ) مما قبله لأن أوله قد ثبت نصه( {[3794]} ) وصحته ، وخبر الآحاد لا يحكم على/ صحة مغيبه( {[3795]} ) . فرده على ما يقطع على صحته في الغيب أولى . ومع ذلك فقراءة أُبي وعبد الله تشهدان( {[3796]} ) للرفع ، لأن قراءة أبي ، " وما تُسْأل " ، وقراءة عبد الله : " ولن تُسْأل " ( {[3797]} ) وذلك يشهد أن الرفع( {[3798]} ) بمعنى النفي( {[3799]} ) .

وقال المحتج للجزم : إن الجزم إذا حمل على التعظيم لأمر من تقدم كان مردوداً على ما قبله فيصير مثل الرفع ، ويزيد الجزم مزية ، وهو أن يحمل على الخبر . فالجزم محتمل لمعنى الرفع وزيادة .


[3780]:- سقط من ع3.
[3781]:- في ح: عليه السلام.
[3782]:- سقط من ع2، ع3.
[3783]:- في ق: فلما. وهو تحريف.
[3784]:- في ح: صلى الله عليه.
[3785]:- انظر: جامع البيان 2/558، وأسباب النزول 44، وتفسير ابن كثير 1/162، ولباب النقول 28، والدر المنثور 1/271. [قال السيوطي: هو مرسل ضعيف الإسناد، ثم رواه عن طريق ابن جرير عن داود بن أبي عاصم مرفوعاً، وقال: هذا معضل الإسناد ضعيف، لا تقوم به ولا بالذي قبله حجة. وانظر: فتح القدير 1/136]. المدقق.
[3786]:- انظر: كتاب السبعة 169، والكشف 1/262، والإملاء 1/60-61.
[3787]:- في ق: هي. وهو خطأ.
[3788]:- في ع2: تسأل. وفي ع3: ليست. وكلاهما تحريف.
[3789]:- وهي قراءة السبعة عدا نافع. انظر: كتاب السبعة 169، والكشف 1/262، والتبصرة 154، والتيسير 76، وكتاب العنوان 71، والحجة 111-112، والنشر 2/221.
[3790]:- سقط حرف الواو من ع3.
[3791]:- في ع2، ع3، بشيراً لمن اتبعك، ونذيراً لمن كفر بك.
[3792]:- في ق: على ما.
[3793]:- في ق: بقطعه.
[3794]:- في ع2، ق، ع3: قصة. وهو تحريف.
[3795]:- في ع1: مغيبة. وهو تحريف.
[3796]:- في ع1، ح، ق: يشهدان.
[3797]:- في ق: نسأل: وهو تصحيف.
[3798]:- في ع1، ح، ق: للرفع. وهو تحريف.
[3799]:- انظر: هذا الاحتجاج والتعليل في الكشف 1/262.