تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ} (119)

الآية 119 وقوله تعالى : { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا } قيل : { إنا أرسلناك } يا محمد لتدعوهم إلى الحق ، وهو التوحيد ، [ وقيل : { بالحق } بالقرآن ]{[1397]} . وقيل : { بالحق } بالحجج والآيات { بشيرا } لمن أطاعه بالجنة { ونذيرا } لمن عصاه ، وخالف أمره بالنار . وقيل : { بالحق } الذي لله على الخلق و{ بالحق } الذي لبعض على بعض لتدعوهم إليه ، وتدلهم عليه .

وقوله : { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } وجائز أن يكون بمعنى لا تسأل بعد هذا عنهم ، ولم يذكر أنه سأل عنهم بعده ، فيكون ذلك آية له بما هو خبر عن علم الغيب . قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليت شعري ما فعل أبواي " [ ابن جرير الطبري في تفسيره : 1/516 ] فأنزل الله تعالى هذه الآية .

وفيها لغتان : ولا تسأل بنصب{[1398]} التاء وهو ما ذكرنا ، ويحتمل وجها آخر : أي لا تشتغل بأصحاب الجحيم فإن ذلك تكلف وشغل . وفيها لغة أخرى برفع التاء . { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } أي لا تسأل أنت يا محمد عن ذنوب أصحاب الجحيم . وهو كقوله : { ولا تسألون عما كانوا يعملون } [ البقرة : 134و 141 ] وكقوله : { عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } [ النور : 54 ]/18-أ/ وكقوله : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } [ الأنعام/164 و . . . ] ونحوه .


[1397]:- هذه قراءة نافع، انظر حجة القراءات ص: 111 و 112.
[1398]:- هذه قراءة نافع، انظر حجة القراءات ص: 111 و 112.