الجحيم : إحدى طبقات النار ، أعاذنا الله منها .
وقال الفراء : الجحيم : النار على النار .
وقال أبو عبيد : النار المستحكمة المتلظية .
وقال الزجاج : النار الشديدة الوقود ، يقال جحمت النار تجحم : اشتدّ وقودها .
وهذه كلها أقوال يقرب بعضها من بعض .
وقال ابن فارس : الجاحم : المكان الشديد الحر ، ويقال لعين الأسد : جحمة ، لشدة توقدها ، ويقال لشدة الحر : جاحم ، قال :
والحرب لا يبقى لجا *** حمها التخيل والمراح
{ إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً } : بشيراً لمن آمن ، ونذيراً لمن كفر .
وهذه الآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يضيق صدره لتماديهم على ضلالهم .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما ذكر أنه بين الآيات ، ذكر من بينت على يديه ، فأقبل عليه وخاطبه صلى الله عليه وسلم ليعلم أنه هو صاحب الآيات فقال : { إنا أرسلناك بالحق } ، أي بالآيات الواضحة ، وفسر الحق هنا بالصدق وبالقرآن وبالإسلام .
وبالحق في موضع الحال ، أي أرسلناك ومعك الحق لا يزايلك .
وانتصاب بشيراً ونذيراً على الحال من الكاف ، ويحتمل أن يكون حالاً من الحق ، لأن ما جاء به من الحق يتصف أيضاً بالبشارة والنذارة .
وعدل إلى فعيل للمبالغة ، لأن فعيلاً من صفات السجايا ، والعدل في بشير للمبالغة ، مقيس عند سيبويه ، إذا جعلناه من بشر لأنهم قالوا بشر مخففاً ، وليس مقيساً في نذير لأنه من أنذر ، ولعل محسن العدل فيه كونه معطوفاً على ما يجوز ذلك فيه ، لأنه قد يسوغ في الكلمة مع الاجتماع مع ما يقابلها ما لا يسوغ فيها لو انفردت ، كما قالوا : أخذه ما قدم وما حدث وشبهه .
{ ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } : قراءة الجمهور : بضم التاء واللام .
وقرأ ابن مسعود : ولن تسأل ، وهذا كله خبر .
فالقراءة الأولى ، وقراءة أبي يحتمل أن تكون الجملة مستأنفة ، وهو الأظهر ، ويحتمل أن تكون في موضع الحال .
وأما قراءة ابن مسعود فيتعين فيها الاستئناف ، والمعنى على الاستئناف أنك لا تسأل عن الكفار ما لهم لم يؤمنوا ، لأن ذلك ليس إليك ، { إن عليك إلا البلاغ } { إنك لا تهدي من أحببت } { إنما أنت منذر } وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم ، وتخفيف ما كان يجده من عنادهم ، فكأنه قيل : لست مسؤولاً عنهم ، فلا يحزنك كفرهم .
وفي ذلك دليل على أن أحداً لا يسأل عن ذنب أحد ، { ولا تزر وازرة وزر أخرى } وأما الحال فعطف على ما قبلها من الحال ، أي وغير مسؤول عن الكفار ما لهم لا يؤمنون ، فيكون قيداً في الإرسال ، بخلاف الاستئناف .
وقرأ نافع ويعقوب : ولا تسأل ، بفتح التاء وجزم اللام ، وذلك على النهي ، وظاهره : أنه نهى حقيقة ، نهى صلى الله عليه وسلم أن يسأل عن أحوال الكفار .
قال محمد بن كعب القرظي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ليت شعري ما فعل أبواي » فنزلت ، واستبعد في المنتخب هذا ، لأنه عالم بما آل إليه أمرهما .
وقد ذكر عياض أنهما أحييا له فأسلما .
وقد صح أن الله أذن له في زيارتهما ، واستبعد أيضاً ذلك ، لأن سياق الكلام يدل على أن ذلك عائد على اليهود والنصارى ومشركي العرب ، الذين جحدوا نبوّته ، وكفروا عناداً ، وأصروا على كفرهم .
وكذلك جاء بعده : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى } إلا إن كان ذلك على سبيل الانقطاع من الكلام الأول ، ويكون من تلوين الخطاب وهو بعيد .
وقيل : يحتمل أن لا يكون نهياً حقيقة ، بل جاء ذلك على سبيل تعظيم ما وقع فيه أهل الكفر من العذاب ، كما تقول : كيف حال فلان ، إذا كان قد وقع في بلية ، فيقال لك : لا تسأل عنه .
ووجه التعظيم : أن المستخبر يجزع أن يجري على لسانه ما ذلك الشخص فيه لفظاعته ، فلا تسأله ولا تكلفه ما يضجره ، أو أنت يا مستخبر لا تقدر على استماع خبره لإيحاشه السامع وإضجاره ، فلا تسأل ، فيكون معنى التعظيم : إما بالنسبة إلى المجيب ، وإما بالنسبة إلى المجاب ، ولا يراد بذلك حقيقة النهي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.