المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

افتتحت هذه السورة بحرفين من الحروف التي تتكون منها الكلمات العربية ، وأتبعت بالقسم بالقرآن على أن محمد صلى الله عليه وسلم لمن المرسلين ، وأنه على طريق معتدل رسمه القرآن المنزل عليه من العزيز الرحيم لينذر به قوما ما أنذر آباؤهم من قبل ، وأخذت السورة تصور الجاحدين الذين لا ينتفعون بالإنذار ، وتبين أن الإنذار إنما يفيد من اتجه لقبول الذكر وخشي الرحمن ، وأن الله يبعث الموتى ويحصي أعمال العباد . وتسوق مثلا لكفار مكة يكشف عن الصراع بين الداعين إلى الله وبين المكذبين ، مبينة عاقبة الفريقين . ثم أخذت تعرض من أدلة القدرة الموجبة للإيمان والخوف من وعيد الله الذي سيفاجئهم يوم تجزى كل نفس ما عملت . فأصحاب الجنة يمتعون ، ولهم ما يشتهون ، وأصحاب النار يطردون وهم في قبضة القدرة ، تختم أفواههم ، وتنطق جوارحهم ، ولو شاء الله لغير صورهم ، فهو الذي يبدل من طال عمره في الدنيا بالقوة ضعفا وبالعقل خرفا . وهو الذي عصم نبيه من خيال الشعراء الذي يسبح بهم في أودية لا يقرها الشرع والخلق . فما علمه الشعر ، وما تنبغي له تلك الصناعة التي يهيم أصحابها في كل واد . ما جاء إلا بالذكر الواضح وليد المنطق لا وليد الخيال . وتمضي السورة تذكر فضل الله على عباده ، وأنه سخر لهم الأنعام يملكونها ويركبونها ، ومع هذه النعم المسخرة لمصالحهم يتخذون الأنداد العاجزة ، وتختم السورة بلفت الإنسان إلى خلقه من نطفة ، فإذا هو خصيم بين الخصومة ، ومن له النشأة الأولى ، ومن يخرج من الشجر الأخضر نارا ، ومن خلق السماوات والأرض قادر على أن يحيي العظام وهي رميم ، وأمره يقول للشيء : كن فيكون ، تنزه مالك كل شيء وإليه ترجعون .

1- يس : حرفان بُدئت بهما السورة على طريقة القرآن في بدء بعض السور بالحروف المقطعة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يس مكية وآياتها ثلاث وثمانون .

قوله تعالى : { يس } وإن قرأ بإخفاء النون فيهما : ابن عامر ، و الكسائي ، و أبو بكر وورش . بخلف عنه ، في نون والقلم ، والباقون يظهرون فيهما . واختلفوا في تأويل { يس } حسب اختلافهم في حروف التهجي ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : قسم ، ويروى عنه أن معناه : يا إنسان ، بلغة طيء ، يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم ، وهو قول الحسن ، و سعيد بن جبير ، وجماعة . وقال أبو العالية : يا رجل . وقال أبو بكر الوراق : يا سيد البشر .

   
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

المجلد الثاني عشر

تفسير سورة يس

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

1- سورة " يس " من السور التي يحفظها كثير من الناس ، لاشتهارها فيما بينهم ، وهي السورة السادسة والثلاثون في ترتيب المصحف ، وكان نزولها بعد سورة " الجن " .

قال القرطبي : وهي مكية بإجماع ، وهي ثلاث وثمانون آية . إلا أن فرقة قالت : إن قوله –تعالى- : [ ونكتب ما قدموا وآثارهم . . . ] نزلت في بني سلمة من الأنصار ، حين أرادوا أن يتركوا ديارهم ، وينتقلوا إلى جوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم( {[1]} ) .

2- وقد ذكروا في فضلها كثيرا من الآثار ، إلا أن معظم هذه الآثار ضعفها المحققون من العلماء ، لذا نكتفي بذكر ما هو مقبول منها .

قال ابن كثير ما ملخصه : أخرج الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قرأ " يس " في ليلة أصبح مغفورا له " . . .

وأخرج ابن حبان في صحيحه ، عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ " يس " في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له " .

وأخرج الإمام أحمد في مسنده ، عن معقل بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " البقرة سنام القرآن ، ويس قلب القرآن . لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له ، واقرءوها على موتاكم " أي : في ساعات الاحتضار وعند خروج الروح .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا صفوان . قال : كان المشيخة يقولون : إذا قرئت –يعني يس- عند الميت ، خفف عنه بها( {[2]} ) .

وقال الآلوسي ما ملخصه : صح من حديث الإمام أحمد ، وأبي داود ، وابن ماجه ، والطبراني ، وغيرهم عن معقل بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يس قلب القرآن " .

وذُكِرَ أنها تسمى المُعِمَّةُ ، والمدافعة ، والقاضية ، ومعنى المعمة : التي تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة . ومعنى المدافعة التي تدفع عن صاحبها كل سوء ، ومعنى القاضية : التي تقضي له حاجة –بإذن الله وفضله( {[3]} ) .

3- وقد افتتحت سورة " يس " بتأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه ، وبتكذيب أعدائه الذين أعرضوا عن دعوته ، وبتسليته عما أصابه منهم من أذى .

قال –تعالى- : [ يس والقرآن الحكيم . إنك لمن المرسلين . على صراط مستقيم . تنزيلي العزيز الرحيم . لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون . لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ] .

4- ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك قصة أصحاب القرية ، وما جرى بينهم وبين الرسل الذين جاءوا إليهم لهدايتهم ، وكيف أهلك الله –تعالى- المكذبين لرسله . . .

قال –سبحانه- : [ واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون . إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون . قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا ، وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون . قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون . وما علينا إلا البلاغ المبين ] .

5- ثم تسوق السورة الكريمة بعد ذلك ، ألوانا من مظاهر قدرة الله –تعالى- ، ومن نعمه على عباده ، تلك النعم التي نراها في الأرض التي نعيش عليها ، وفي الخيرات التي تخرج منها ، كما نراها في الليل والنهار . وفي الشمس وفي القمر ، وفي غير ذلك من مظاهر نعمه التي لا تحصى .

قال –تعالى- [ وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ، وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون . وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ، وفجرنا فيها من العيون . ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون . سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض . ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ] .

6- وبعد هذا البيان الحكيم لمظاهر قدرة الله –تعالى- ، وفضله على عباده ، حكت السورة الكريمة جانبا من دعاوي المشركين الباطلة ، وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم ، وصورت أحوالهم عندما يخرجون من قبورهم مسرعين ، ليقفوا بين يدي الله –تعالى- للحساب والجزاء . . .

قال –تعالى- : [ ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون . قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون . إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون . فاليوم لا تظلم نفس شيئا ، ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ] .

7- وبعد أن تحكي السورة الكريمة ما أعده الله تعالى بفضله وكرمه لعباده المؤمنين ، من جنات النعيم ، ومن خير عميم ، تعود فتحكي ما سيكون عليه الكافرون من هم وغم ، وكرب وبلاء ، بسبب كفرهم ، وتكذيبهم للحق الذي جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم .

قال –تعالى- : [ ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ، إنه لكم عدو مبين . وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم . ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون . هذه جهنم التي كنتم توعدون . اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ] .

8- ثم تنزه السورة الكريمة النبي صلى الله عليه وسلم عما اتهمه به أعداؤه ، من أنه شاعر ، وتسليه عما أصابه منهم ، وتبين للناس أن وظيفته صلى الله عليه وسلم إنما هي الإنذار والبلاغ .

قال –تعالى- [ وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين . لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ] .

إلى أن يقول –سبحانه- : [ فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ] .

9- ثم تختتم السورة الكريمة بحكاية ما قاله أحد الأشقياء منكرا للبعث والحساب ، وردت عليه وعلى أمثاله برد جامع حكيم ، برشد كل عاقل إلى إمكانية البعث ، وأنه حق لا شك فيه . .

قال –تعالى- : [ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين . وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ، قال من يحيي العظام وهي رميم . قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم . الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون . أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ، بلى وهو الخلاق العليم . إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ] .

10- وبعد . فهذا عرض مجمل لسورة " يس " ومنه نرى أن هذه السورة الكريمة قد اهتمت بإقامة الأدلة على وحدانية الله –تعالى- وعلى كمال قدرته كما اهتمت بإبراز الأدلة المتعددة على أن البعث حق ، وعلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه . . .

كما اهتمت بضرب الأمثال لبيان حسن عاقبة الأخيار ، وسوء عاقبة الأشرار .

كل ذلك بأسلوب بليغ مؤثر ، يغلب عليه قصر الآيات ، وإيراد الشواهد المتنوعة على قدرة الله –تعالى- ، عن طريق مخلوقاته المبثوثة في هذا الكون ، والتي من شأن المتأمل فيها بعقل سليم ، أن يهتدي إلى الحق ، وإلى الصراط المستقيم .

وصدق الله –تعالى- في قوله : [ سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ] .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، ،

القاهرة – مدينة نصر

صباح الخميس : 23 من شوال سنة 1405ه

11/7/1985م

د . محمد سيد طنطاوي

قوله - تعالى - يس من الألفاظ التى اختلف المفسرون فى معناها ، فمنهم من يرى أن هذه الكلمة اسم للسورة ، أو للقرآن ، أو للرسول صلى الله عليه وسلم .

ومنهم من يرى أن معناها : يا رجل ، أو يا إنسان .

ولعل أرجح الأقوال أن هذه الكلمة من الألفاظ المقطعة التى افتتحت بها بعض السور القرآنية ، للإِشارة إلى إعجاز القرآن الكريم ، وللتنبيه إلى أن هذا القرآن المؤلف من جنس الألفاظ التى ينطقون بها ، هو من عند الله - تعالى - ، وأنهم ليس فى إمكانهم أو إمكان غيرهم أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة من مثله . . .

قال الآلوسى : قوله - تعالى { يس } الكلام فيه كالكلام فى " ألم " ونحوه من الحروف المقطعة فى أوائل بعض السور ، إعرابا ومعنى عند الكثيرين .

وظاهر كلام بعضهم أن " يس " بمجموعة ، اسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم .

وقرأ جمع بسكون النون مدغمة فى الواو ، وقرأ آخرون بسكونها مظهرة ، والقراءتان سبعيتان . .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
[2]:- سورة الإسراء. الآية 9.
[3]:- سورة المائدة: الآيتان 15، 16.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يسٓ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { يسَ * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : يس ، فقال بعضهم : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يس قال : فإنه قسم أقسمه الله ، وهو من أسماء الله .

وقال آخرون : معناه : يا رجل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تُمَيلة ، قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله يس قال : يا إنسان ، بالحبشية .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن شرقيّ ، قال : سمعت عكرمة يقول : تفسير يس : يا إنسان .

وقال آخرون : هو مفتاح كلام افتتح الله به كلامه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : يس مفتاح كلام ، افتتح الله به كلامه .

وقال آخرون : بل هو اسم من أسماء القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يس قال : كلّ هجاء في القرآن اسم من أسماء القرآن .

قال أبو جعفر : وقد بيّنا القول فيما مضى في نظائر ذلك من حروف الهجاء بما أغنى عن إعادته وتكريره في هذا الموضع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يس مكية وعنه عليه الصلاة والسلام " يس تدعى المعمة تعم صاحبها خير الدارين والدافعة والقاضية تدفع عنه كل سوء وتقضي له كل حاجة " وآيها ثلاث وثمانون .

بسم الله الرحمن الرحيم { يس } في المعنى والإعراب ، وقيل معناه يا إنسان بلغة طيئ على أنه أصله يا أنيسين فاقتصر على شطره لكثرة النداء به كما قيل ( من الله ) في أيمن . وقرئ بالكسر كجير وبالفتح على البناء كأين ، أو الإعراب على تل يس أو بإضمار حرف القسم والفتحة لمنع الصرف وبالضم بناء كحيث ، أو إعرابا على هذه { يس } وأمال الياء حمزة والكسائي وروح وأبو بكر وأدغم النون في واو .