تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة{[1]} يس كلها نزلت بمكة{[2]}

بسم الله الرحمان الرحيم

الآيتان 1و2 قوله تعالى : { يس } { والقرآن الحكيم } عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[17359]} قال : يا إنسان ، يعني محمدا ، أقسم به ، يا محمد ، إن هذا القرآن من عند الله نزل ، وهو بلسان الحبشة . وقال بعضهم : وهو بلسان طَيْءٍ .

وقتادة يقول : قسم أقسم بالقرآن { إنك لمن المرسلين } ويقول : كل حرف هجاء في القرآن ، هو من أسماء القرآن .

وقال بعضهم : هو من فواتح السّور . وقال بعضهم : [ هو من الفواتح ]{[17360]} يفتتح بها كلامه . وقال بعضهم : [ هو ]{[17361]} من أسماء الرب .

وعن معاذ بن جبل وكعب رضي الله عنهما [ أنهما ]{[17362]} قالا : { يس } قسم ، أقسم الله به ، يا محمد { إنك لمن المرسلين } { على صراط مستقيم } [ الآيتان : 3 و4 ] .

دل أن الخطاب به على إثر قوله : { يس } على أنه هو المراد بقوله : { يس } إذ لا يستقيم الخطاب بقوله : { إنك لمن المرسلين } إلا على سبق خطاب له وذكر اسم .

وقال عكرمة : هو من حروف الهجاء [ افتتح به السورة ]{[17363]} كسائر حروف الهجاء .

وقال بعضهم : هو من حروف الهجاء التي أقسم الله بها بما يتلو تلك الحروف من القرآن والآيات والكتاب ، إذ من عادة العرب القسم بكل ما عظُم خطره ، وجلّ قدره .

فإن قيل : كيف أقسم بالقرآن ، وهم كانوا ينكرون القرآن أنه من عند الله ؟ قيل : [ بوجوه :

أحدهما : ]{[17364]} أنهم ، وإن كانوا ينكرونه ، فقد عظُم قدره ، وجل خطره عندهم بما عجزوا عن إتيان مثله بعد قرع أسماعهم بقوله : { لئن اجتمعت الإنس والجن } [ الإسراء : 88 ] ونحوه .

والثاني : أقسم به ، وإن كانوا ينكرونه ، لما أن قسمه به يحملهم على السؤال عنه ، إذ كانوا لا يُقسمون إلا بما عظُم قدره ، وجل خطره ، فيقولون{[17365]} : ما هذا القرآن [ الذي ]{[17366]} أقسم ربنا به ؟

ألا ترى أنه قال : { تنزيل العزيز الرحيم } [ الآية : 5 ] فكأنه [ جواب ]{[17367]} على سؤال خرج [ منهم : ما ]{[17368]} هذا ؟ إنه { تنزيل العزيز الرحيم } .

[ والثالث ]{[17369]} : أن يكون القسم به وبغيره من الأشياء التي عظم خطرها عندهم على إضمار القسم برب هذه الأشياء وبإلاهها . هذا على قول من يقول : إن القسم بالله حقيقة لا بتلك الأشياء مستقيم ، وعلى قول من يجعل{[17370]} القسم بها لا على الإضمار وما ذكرنا .

وقوله تعالى : { الحكيم } أي المُحكَم { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } [ فصلت : 42 ] على ما وصفه . وقال بعضهم : { الحكيم } المحكم بالحلال والحرام والوعد والوعيد من غير أن يكون فيه اختلاف .

وقال بعضهم : /444-أ/ { الحكيم } لأنه من تمسّك به ، وعمل بما فيه يصير حكيما .


[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[17359]:ساقطة من الأصل وم.
[17360]:في الأصل وم: فواتح.
[17361]:ساقطة من الأصل وم.
[17362]:ساقطة من الأصل وم.
[17363]:في الأصل وم: الذي افتتح به السور.
[17364]:ساقطة من الأصل وم.
[17365]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[17366]:من م، ساقطة من الأصل.
[17367]:ساقطة من الأصل وم.
[17368]:في الأصل وم: على.
[17369]:في الأصل وم: و.
[17370]:في الأصل: يقول أن.