الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

مكيّة ، وهي ثلاثة آلاف حرف وسبعمائة وتسع وعشرون كلمة وثلاث وثمانون آية

في فضلها :

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الناقد قال : أخبرني أبو العباس محمد بن إسحاق السراج قال : حدّثنا حميد بن عبد الرَّحْمن عن الحسين بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( لكل شيء قلب وإنّ قلب القرآن ( ياس ) ومن قرأ ( ياس ) كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات ) .

وأخبرني محمد بن الحسين بن محمد قال : حدّثنا محمد بن محمد بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم الملطي بمصر قال : حدّثنا إسماعيل بن محمود النيسابوري قال : حدّثنا أحمد بن عمران الرازي عن محمد بن عمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( إنّ في القرآن لسورة تشفع لقرائها ويُغفر لمستمعها ، ألا وهي سورة يس ) .

وأخبرنا أبو الحسن عبد الرَّحْمن بن محمد بن إبراهيم الطبراني بها قال : حدّثنا العباس بن محمد بن قوهيار قال : حدّثنا الفضل بن حماد وأخبرنا أحمد بن أبي الفراتي قال : أخبرنا أبو نصر السرخسي قال : حدّثنا محمد بن أيوب قالا : حدّثنا إسماعيل بن أبي أُوس عن محمد بن عبد الرَّحْمن بن أبي بكر الجدعاني عن سُليمان بن مرقاع عن هلال بن الصلت أنّ أبا بكر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( يس تدعى المعمة ) . قيل : يا رسول الله وما المعمة ؟ قال : ( تعم صاحبها : خير الدنيا وتدفع عنه أهاويل الآخرة ، وتُدعى الدافعة والقاضية ) قيل : يارسول الله وكيف ذلك ؟

قال : ( تدفع عنه كل سوء وتقضي له كل حاجة ، ومن قرأها عُدلت له عشرون حجة ، ومن سمعها كان له ألف دينار في سبيل الله ، ومن كتبها وشربها أدخلت ( جوفه ) ألف دواء وألف يقين وألف زلفى وألف رحمة ، ونزع عنه كل داء وغل ) .

وأخبرنا أبو الحسن بن أبي إسحاق المزكي قال : حدّثنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم وهو أبو بسطام البغدادي قال : حدّثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال : حدّثنا يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أُمامة عن أُبي بن كعب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( من قرأ ( ياس ) يُريد بها الله عز وجل غفر الله له وأُعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتي عشرة مرة ، وأيما مريض قرئت عنده سورة ( ياس ) نزل عليه بعدد كل حرف عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفاً فيصلون ويستغفرون له ويشهدون قبضه وغسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه ، وأيما مريض قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجنان بشربة من الجنة فيشربها وهو على فراشه فيموت وهو ريان ويبعث وهو ريان ويُحاسب وهو ريان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان ) .

وحدّثنا أبو الفضل علي بن محمّد بن أحمد بن علي الشارعي الخوارزمي إملاء قال : حدّثنا أبو سهل بن زياد القطان قال : حدّثنا ابن مكرم قال : حدّثنا مصعب بن المقدّم قال : حدّثنا أبو المقدام هشام عن الحسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( من قرأ سورة ( ياس ) في ليلة أصبح مغفوراً له ) .

وأخبرني الحسين بن محمد الثقفي قال : حدّثنا الفضل بن الفضل الكندي قال : حدّثنا حمزة بن الحسين بن عمر البغدادي قال : حدّثنا محمد بن أحمد الرياحي قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أيوب بن مدرك عن أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( من دخل المقابر فقرأ سورة ( ياس ) خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات ) .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شنبه قال : حدّثنا علي بن ماهان عن علي بن محمد الطنافسي قال : حدّثنا عبد الرَّحْمن المحاربي قال : حدّثنا عامر بن يساف اليمامي عن يحيى بن كثير قال : بلغنا أنه من قرأ ( ياس ) حين يصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ، ومن قرأها حين يمسي لم يزل في فرح حتى يُصبح ، وقد حدّثني من جربها .

{ يس } اختلف القُراء فيه ، فقرأ حمزة والكسائي وخلف في أكثر الروايات { يس } بكسر الياء بين اللفظين قراءة أهل المدينة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم .

الباقون : بفتح الياء ، وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وحمزة وأيوب وأبو حاتم وعاصم في أكثر الروايات ، ( يسين ) ، بإظهار النون والسكون .

واختلف فيه عن نافع وابن كثير ، فقرأ عيسى بن عمر : ( ياس ) بالنصب ، شبهه ب ( أين ) و( كيف ) ، وقرأ ابن أبي إسحاق بكسر النون ، شبهه بأمسِ ورقاشِ وحذامِ وقرأ هارون الأعور : بضم النون ، شبهه بمنذُ وحيثُ وقطُّ . الآخرون : بإخفاء النون .

واختلف المفسرون في تأويله ، فقيل : قسم ، وقال ابن عباس : يعني يا إنسان بلغة طيىء عطا : بالسريانية ، وقال أبو العالية : يا رجل ، وقال سعيد بن جبير : يا محمّد ، دليله قوله : { إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } .

وقال السيد الحميري :

يا نفس لا تمحضي بالنصح جامدة *** على المودة إلاّ آل ياسينا

وقال أبو بكر الوراق : يا سيد البشر .

فإن قيل : لم عدّ { يس } آية ولم يعد

{ طس } [ النمل : 1 ] آية ؟

فالجواب أنّ{ طس } [ النمل : 1 ] أشبه قابيل من جهة الزنة والحروف الصحاح و { يس } أوله حرف علة وليس مثل ذلك في الأسماء المفردة ، فأشبه الجملة والكلام التام وشاكل ما بعده من رؤوس الآي .