فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يسٓ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة يس

هي ثلاث أو ثنتان وثمانون آية

والأول أولى :

وهي مكية . قال القرطبي بالإجماع إلا أن فرقة قالت : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } نزلت في بني سلمة من الأنصار حين أرادوا أن يتركوا ديارهم وينتقلوا إلى جوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيان ذلك{[1]} .

وعن ابن عباس قال : نزلت بمكة وعن عائشة مثله .

وأخرج الدارمي والترمذي ومحمد بن نصر والبيهقي في الشعب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس . من قرأ يس كتب له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات {[2]} قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حميد بن عبد الرحمن . وفي إسناده هرون أبو محمد . وهو شيخ مجهول .

وفي الباب عن أبي بكر ولا يصح لضعف إسناده . أخرج الدارمي وأبو يعلى والطبراني والبيهقي وغيرهم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له في تلك الليلة ) . {[3]} قال ابن كثير إسناده جيد .

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والطبراني وابن حبان والحاكم والبيهقي عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يس قلب القرآن لا يقرؤها عبد يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه . فاقرؤوها على موتاكم ) {[4]} . وقد ذكر له أحمد إسنادين أحدهما فيه مجهول والآخر ذكر فيه عن أبي عثمان وقال ليس بالنهدي عن أبيه عن معقل .

وأخرج الطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من داوم على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيدا ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يس } قرأ الجمهور بسكون النون وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص وقالون وورش بإدغام النون في الواو التي بعدها ، وقرئ بفتح النون وبكسرها ، فالفتح على البناء أو على أنه مفعول فعل مقدر تقديره : اتل يس والكسر على البناء أيضا كجير ، وقيل الفتح والكسر للفرار من التقاء الساكنين ، أما وجه قراءة الجمهور فلكونها مسرودة على نمط التعديد فلا حظ لها من الإعراب ، وقرئ بضم النون على البناء كمذ وحيث ، وقط .

وقيل على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هذه يس ، ومنعت من الصرف للعلمية التأنيث ، واختلف في معنى هذه اللفظة فقيل : معناها يا رجل ، أو يا إنسان . قال ابن الأنباري : الوقف على يس حسن لمن قال : هو افتتاح السورة .

ومن قال : معناه يا رجل لم يقف عليه ، وقال سعيد بن جبير وغيره : هو اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وسلم دليله إنك لمن المرسلين ، ومنه قوله تعالى : { سلام على آل ياسين } أي آل محمد ومنه قول الشاعر :

يا نفس لا تمحضي بالنصح جاحدة ***

على المودة إلا آل يا سينا

وسيأتي في الصافات ما المراد بآل ياسين ، قال الواحد قال ابن عباس والمفسرون : يريد يا إنسان يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم ، قال أبو بكر الوراق : معناه يا سيد البشر ، وقال مالك : هو اسم من أسماء الله تعالى . روي ذلك عنه أشهب ، وحكى أبو عبد الرحمن السلمي عن جعفر الصادق أن معناه يا سيد وقال كعب : هو قسم أقسم الله به ورجح الزجاج أن معناه يا محمد .

واختلفوا هل هو عربي أو غير عربي ؟ فقال سعيد بن جبير وعكرمة حبشي ، وقال الكلبي : سرياني ، تكلمت به العرب فصار من لغتهم ، وقال الشعبي : هو بلغة طي ، وقال الحسن : هو بلغة كلب وقد تقدم في طه وفي مفتتح سورة البقرة ما يغني عن التطويل ههنا ، والأولى أن يقال : الله أعلم بمراده به .


[1]:ثم بفتح الثاء أي هناك.
[2]:- أين هذا الحديث: من رواه؟ من أخرجه؟ لم نجده في أي كتاب لدينا.
[3]:- الترمذي كتاب التفسير الباب الأول بلفظ: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
[4]:- الترمذي كتاب العلم باب 4.