قوله تعالى : { قل من كان عدواً لجبريل } . قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن حبراً من أحبار اليهود يقال له عبد الله بن صوريا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أي ملك يأتيك من السماء قال جبريل . قال : ذلك عدونا من الملائكة ، ولو كان ميكائيل لآمنا بك ، إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة وإنه عادانا مراراً وكان من أشد ذلك علينا ، أن الله تعالى أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخرب على يد رجل يقال له بختنصر ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، فلما كان وقته بعثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلبه ليقتله فانطلق حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً فأخذه ليقتله فدفع عنه جبريل ، وكبر بختنصر وقوي ، وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدواً ، فأنزل الله هذه الآية .
وقال مقاتل : قالت اليهود : إن جبريل عدونا لأنه أمر بجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا ، وقال قتادة وعكرمة والسدي : كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة وممرها على مدارس اليهود فكان إذا أتى أرضه يأتيهم ويسمع منهم فقالوا له : ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك ، إنهم يمرون علينا فيؤذوننا وأنت لا تؤذينا وإنا لنطمع فيك فقال عمر : والله ما آتيكم لحبكم ولا أسألكم لأني شاك في ديني ، وإنما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم فقالوا : من صاحب محمد الذي يأتيه من الملائكة قال : جبريل فقالوا : ذلك عدونا يطلع محمداً على سرنا وهو صاحب كل عذاب وخسف وسنة وشدة ، وإن ميكائيل إذا جاء جاء بالخصب والسلم ، فقال لهم عمر : تعرفون جبريل وتنكرون محمداً قالوا : نعم . قال : فأخبروني عن منزلة جبريل ، وميكائيل ، من الله عز وجل ؟ قالوا : جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وميكائيل عدو لجبريل ، قال عمر : فإني أشهد أن من كان عدواً لجبريل فهو عدو لميكائيل ، ومن كان عدواً لميكائيل فإنه عدو لجبريل ، ومن كان عدواً لهما كان الله عدوا له . ثم رجع عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات . فقال : لقد وافقك ربك يا عمر فقال عمر : لقد رأيتني بعد ذلك ، في دين الله أصلب من الحجر . قال الله تعالى : ( قل من كان عدواً لجبريل ) .
قوله تعالى : { فإنه } . يعني : جبريل .
قوله تعالى : { نزله } . يعنى : القرآن ، كناية عن غير مذكور .
قوله تعالى : { على قلبك } . يا محمد .
قوله تعالى : { بإذن الله } . بأمر الله .
قوله تعالى : { مصدقاً } . موافقاً .
{ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ }
أي : قل لهؤلاء اليهود ، الذين زعموا أن الذي منعهم من الإيمان بك ، أن وليك جبريل عليه السلام ، ولو كان غيره من ملائكة الله ، لآمنوا بك وصدقوا ، إن هذا الزعم منكم تناقض وتهافت ، وتكبر على الله ، فإن جبريل عليه السلام هو الذي نزل بالقرآن من عند الله على قلبك ، وهو الذي ينزل على الأنبياء قبلك ، والله هو الذي أمره ، وأرسله بذلك ، فهو رسول محض .
مع أن هذا الكتاب الذي نزل به جبريل مصدقا لما تقدمه من الكتب غير مخالف لها ولا مناقض ، وفيه الهداية التامة من أنواع الضلالات ، والبشارة بالخير الدنيوي والأخروي ، لمن آمن به ، فالعداوة لجبريل الموصوف بذلك ، كفر بالله وآياته ، وعداوة لله ولرسله وملائكته ، فإن عداوتهم لجبريل ، لا لذاته بل لما ينزل به من عند الله من الحق على رسل الله .
فيتضمن الكفر والعداوة للذي أنزله وأرسله ، والذي أرسل به ، والذي أرسل إليه ، فهذا وجه ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.