الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَهُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (97)

قوله : ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ ) الآية [ 96 ] .

قال ابن عباس( {[3078]} ) : " جبرائيل( {[3079]} ) ومكائيل مثل عبد الله وعبد الرحمان " ( {[3080]} ) .

قال عكرمة : " جبر " ( {[3081]} ) و " ميك " و " إسراف " ( {[3082]} ) [ عبد و " إيل " : الله عز وجل ]( {[3083]} ) .

ومعنى الآية فيما قال ابن( {[3084]} ) عباس : " إن عصابة من اليهود سألوا النبي [ عليه السلام ]( {[3085]} ) عن مسائل ، منها أن قالوا : أي الطعام حرّم إسرائيل على نفسه ، وعن ماء الرجل وماء المرأة ، وعن الذكر والأنثى ، وقالوا أخبرنا من هذا النبي الأمي في التوراة ؟ ومن وليُّه من الملائكة ؟ فأخذ [ عليهم النبي عليه السلام عهوداً ]( {[3086]} ) أنهم يؤمنون إن أخبرهم وناشدهم الله على ذلك فأخبرهم أن إِسْرَائِيلَ مَرِضَ مَرَضاً شَدِيداً فَنَذَرَ إِنْ عَافَاهُ( {[3087]} ) اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرَّمَنَّ أَحَبَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ ، وَكَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحُومَ الإِبِلِ ، وَأَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانَهَا ، فَقَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، ثُمَّ نَاشَدَهُمْ اللّه وَقالَ : " هَلْ تَعْلَمُونَ( {[3088]} ) أَنَّ مَاءَ الرَّجُل أَبْيَضٌ غَلِيظٌ ، وَمَاءُ المَرْأَةِ أَصْفَرٌ رَقِيقٌ ، فَأَيُّهُمَا عَلاَ كَانَ لَهُ الوَلَدُ وَالشَّبَهُ( {[3089]} ) بِإِذْنِ/ اللّه عز وجل ، وَإِذَا عَلاَ مَاءُ الرَّجُلِ كَانَ/ الوَلَدُ ذَكَراً ، وَإِنْ( {[3090]} ) عَلاَ مَاءُ المَرْأَةِ/ كَانَ( {[3091]} ) أُنْثَى ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، ثُمَّ نَاشَدَهُمْ اللَّه ، وَقَالَ : هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ [ هَذَا النَّبِيَّ الأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ ؟ ]( {[3092]} ) قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ : [ قَالُوا : وَأَنْتَ( {[3093]} ) ] الآن ، فَحَدِثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ المَلاَئِكَةِ وَنُجَامِعُكَ . / فَقَالَ : إِنَّ وَليِّي( {[3094]} ) جِبْرِيل وَلَمْ( {[3095]} ) يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيّاً قَطْ إِلاَّ وَهُوَ وَلِيُّهُ . قَالُوا : فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ ؛ لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ المَلاَئِكَةِ تَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ فَأَنْزَلَ اللهُ : ( قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ ) إلى ( كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )( {[3096]} ) .

وروى الشعبي( {[3097]} ) أن عمر بن( {[3098]} ) الخطاب( {[3099]} ) جرت بينه وبين اليهود مناظرة طويلة ، فأقسم عليهم : هل تعلمون أن محمداً نبي فأقروا به . فقال( {[3100]} ) : ولمَ أهلكتم( {[3101]} ) أنفسكم ، وأنتم تعلمون أنه نبي ؟ فقالوا( {[3102]} ) : إنه قَرَن( {[3103]} ) بنبوته عدونا من الملائكة وهو جبريل ، ولو قرن بها ميكائيل لآمنا( {[3104]} ) به . فسألهم عمر عن هذه العدواة فقالوا : إن جبريل ينزل بالعذاب والسخط والشدائد والغلظة ، وإن ميكائيل ينزل بالرأفة والرحمة والتخفيف . فقال( {[3105]} ) لهم عمر : وما منزلتهما عند الله ؟ قالوا : أحدهما على( {[3106]} ) يمينه ، والآخر على يساره . فقال عمر : فوالله الذي لا إله إلا هو إنهما –والذي بينهما- لَعَدُوٌّ( {[3107]} ) لمن عاداهما( {[3108]} ) ، وسِلْْمٌ لمن سالمهما ، ما ينبغي لجبريل أن يسالم( {[3109]} ) عدو ميكائيل ، ولا لميكائيل أن يسالم عدو جبريل . ثم انصرف [ عمر عنهم ، فوجد النبي [ عليه السلام ]( {[3110]} ) خارجاً من خوخة( {[3111]} ) [ لبني فلان ، فقال لعمر ]( {[3112]} ) : ألا أقرئك آيات( {[3113]} ) نزلت قبل ؟ فقرأ عليه : ( قُلْ( {[3114]} ) مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ ) إلى ( كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) . فقال عمر : وَ( {[3115]} ) الذي بعثك بالحق ، لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك( {[3116]} ) ، فأسمع اللطيف الخبير سبقني إليك بالخبر " ( {[3117]} ) .

وروي عن عمر( {[3118]} ) هذه القصة بغير هذه الألفاظ إلا أن المعنى يؤول( {[3119]} ) إلى شيء( {[3120]} ) واحد( {[3121]} ) .

ومعنى ما( {[3122]} ) في هذا الحديث( {[3123]} ) من ذكر اليمين واليسار ، إنما يراد به القرب في المنزلة من الله عز وجل على التمثيل فلا يحل لأحد أن يتمثل( {[3124]} ) في هذا ، وفيما شابهه جارحة إذ ليس كمثله شيء .

قوله : ( فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ( {[3125]} ) عَلَى قَلْبِكَ ) الآية [ 96 ] .

أي : نزل الفرقان( {[3126]} ) من عند الله على قلب محمد ، ولو قال قلبي لكان جيداً( {[3127]} ) ، والعرب/ تقول : " قل يا زيد للقوم عندي( {[3128]} ) الخبر " " وقل لهم عندك( {[3129]} ) الخبر " . كل ذلك حسن جيد( {[3130]} ) . ولا يقرأ إلا بما في المصحف .

قوله ( لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) [ 96 ] أي : لما سلف من الكتب( {[3131]} ) والرسل( {[3132]} ) .


[3078]:- قوله: "ابن عباس" سقط من ع3.
[3079]:- في ع2، ق: جبرال. وفي ع3: جبريل.
[3080]:- انظر: جامع البيان 2/380.
[3081]:- في ع3: خبر. وهو تصحيف.
[3082]:- في ق: سراب. وفي ع2: سراف.
[3083]:- في ع3: عند إيل الله سبحانه. وانظر: قول عكرمة في جامع البيان 2/391.
[3084]:- في ع3: أبو، وهو تحريف.
[3085]:- في ع2: عليه وسلم، وفي ع3: صلى الله عليه وسلم.
[3086]:- في ع2: النبي عليه السلام، وفي ق: النبي عليه السلام. عهود، وفي ع3: النبي صلى الله عليه وسلم عليهم عهود.
[3087]:- في ع3: عفاه.
[3088]:- سقط من ع3.
[3089]:- في ق: الشبهة.
[3090]:- في ع3: إذا.
[3091]:- في ع2، ع3: كان الولد.
[3092]:- في ع3: هذا أن النبي الأمي تنام عينه ولا ينام قلبه.
[3093]:- في ع3: قال: أنت.
[3094]:- في ع1، ح، ع، ق: ولي.
[3095]:- سقط من ع3.
[3096]:- انظر: منحة المعبود 2/11-12، وسيرة ابن هشام 2/191، ومجمع الزوائد 6/315. وأورد البخاري جزءاً منه في قصة إسلام ابن سلام. انظر: صحيحه 5/148.
[3097]:- هو عامر بن شراحبيل الحميري، أبو عمرو الكوفي، حافظ فقيه من كبار التابعين. روى عن أبي هريرة وعائشة، وروى عنه ابن سيرين والأعمش (ت103هـ). انظر: تذكرة الحفاظ 79، وتقريب التهذيب 1/387، والخلاصة 2/22.
[3098]:- في ف: ابن. وهو خطأ.
[3099]:- في ع3: الخطاب رضي الله عنه.
[3100]:- في ع3: قال.
[3101]:- في ع2: أهلكت.
[3102]:- في ع3: فقال.
[3103]:- في ع2: فرق. وهو تحريف.
[3104]:- في ق: لأمتنا. وهو تحريف.
[3105]:- في ع3: قال.
[3106]:- في ع1، ح: عن.
[3107]:- في ع2: العداء. وهو تحريف.
[3108]:- في ع3: عادهما. وهو تحريف.
[3109]:- قوله: "أن يسالم" سقط من ع2.
[3110]:- في ع3: عنهم عمر. فوجد النبي صلى الله عليه وسلم.
[3111]:- في ق: خرقة. وهو تحريف.
[3112]:- في ع2: بني فلان فقال عمر.
[3113]:- في ع2، ع3: آية.
[3114]:- في ع2: قال.
[3115]:- سقط من ع3.
[3116]:- في ع3: أخبر بك.
[3117]:- انظر: جامع البيان 2/381-382 وتفسير ابن كثير 1/131، ولباب النقول 22-23، والدر المنثور 1/223-224.
[3118]:- في ع3: عمر رضي الله عنه.
[3119]:- في ق: يمول.
[3120]:- في ع2، ع3: الشيء.
[3121]:- انظر: جامع البيان 2/382-385، ولباب النقول 22-23، وتفسير ابن كثير 1/131.
[3122]:- سقط من ع3.
[3123]:- في ق: ع3: هذه. وهو خطأ.
[3124]:- في ع3: يمثل.
[3125]:- في ع2: نزل. وهو تحريف.
[3126]:- في ح: القرآن.
[3127]:- في ع1: جيد.
[3128]:- في ع3: عند.
[3129]:- في ع2: عند. وفي ع3: عندي.
[3130]:- انظر: معاني الفراء 1/63، وجامع البيان 2/388.
[3131]:- في ق: الكتاب.
[3132]:- وهو معنى قول ابن عباس: انظر: جامع البيان 2/392-393.