31- قل أيضاً - يا أيها النبي - للمؤمنات : إنهن مأمورات بكف نظرهن عما يحرم النظر إليه ، وأن يَصُنَّ فروجهن بالستر وعدم الاتصال غير المشروع ، وألا يُظهرن للرجال ما يغريهم من المحاسن الخلقية والزينة كالصدر والعضد والقلادة ، إلا ما يظهر من غير إظهار كالوجه واليد ، واطلب منهن - يا أيها النبي - أن يسترن المواضع التي تبدو من فتحات الملابس ، كالعنق والصدر ، وذلك بأن يسترن عليها أغطية رؤوسهن ، وألا يسمحن بظهور محاسنهن ، إلا لأزواجهن والأقارب الذين يحرم عليهم التزوج منهن تحريماً مؤبداً كآبائهن أو آباء أزواجهن ، أو أبنائهن أو أبناء أزواجهن من غيرهن ، أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن ، ومثل هؤلاء صواحبهن ، وسواء منهن الحرائر والمملوكات ، والرجال الذين يعيشون معهن ، ولا يوجد عندهم الحاجة والميل للنساء كالطاعنين في السن ، وكذلك الأطفال الذين لم يبلْغوا حد الشهوة ، واطلب منهن أيضاً ألا يفعلن شيئاً يلفت أنظار الرجال إلي ما خفي من الزينة ، وذلك كالضرب في الأرض بأرجلهن ، ليسمع صوت خلاخيلهن المستترة بالثياب ، وتوبوا إلي الله جميعاً - أيها المؤمنون - فيما خالفتم فيه أمر الله ، والتزموا آداب الدين لتسعدوا في دنياكم وأخراكم .
قوله تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } عما لا يحل لهن { ويحفظن فروجهن } عمن لا يحل . وقيل أيضاً : يحفظن فروجهن يعني : يسترنها حتى لا يراها أحد . وروي عن أم سلمة : " أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة إذ أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه ، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتجبا منه ، فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه " قوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن } يعني : لا يظهرن زينتهن لغير محرم ، وأراد بها الزينة الخفية ، وهما زينتان خفية وظاهرة ، فالخفية : مثل الخلخال ، والخضاب في الرجل ، والسوار في المعصم ، والقرط والقلائد ، فلا يجوز لها إظهارها ، ولا للأجنبي النظر إليها ، والمراد من الزينة موضع الزينة . قوله تعالى : { إلا ما ظهر منها } أراد به الزينة الظاهرة . واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى : قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي : هو الوجه والكفان . وقال ابن مسعود : هي الثياب بدليل قوله تعالى : { خذوا زينتكم عند كل مسجد } وأراد بها الثياب . وقال الحسن : الوجه والثياب . وقال ابن عباس : الكحل والخاتم والخضاب في الكف . فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة ، فإن خاف شيئاً منها غض البصر ، وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة ، وسائر بدنها عورة يلزمها ستره . قوله عز وجل : { وليضربن بخمرهن } أي : ليلقين بمقانعهن ، { على جيوبهن } وصدورهن ليسترن بذلك شعورهن وصدورهن وأعناقهن وأقراطهن . قالت عائشة : رحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله عز وجل : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن فاختمرن بها . { ولا يبدين زينتهن } يعني : الزينة الخفية التي لم يبح لهن كشفها في الصلاة ولا للأجانب ، وهو ما عدا الوجه والكفين { إلا لبعولتهن } قال ابن عباس ومقاتل : يعني لا يضعن الجلباب ولا الخمار إلا لبعولتهن ، أي إلا لأزواجهن ، { أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن } فيجوز لهؤلاء أن ينظروا إلى الزينة الباطنة ، ولا ينظرون إلى ما بين السرة والركبة ، ويجوز للزوج أن ينظر إلى جميع بدنها غير أنه يكره له النظر إلى فرجها . قوله تعالى : { أو نسائهن } أراد أنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى بدن المرأة إلا ما بين السرة والركبة كالرجل المحرم ، هذا إذا كانت المرأة مسلمة ، فإن كانت كافرة فهل يجوز للمسلمة أن تنكشف لها ؟ اختلف العلم فيه ، فقال بعضهم : يجوز كما يجوز أن تنكشف للمرأة المسلمة لأنها من جملة النساء ، وقال بعضهم : لا يجوز لأن الله تعالى قال : أو نسائهن والكافرة ليست من نسائنا ولأنها أجنبية في الدين ، وكانت أبعد من الرجل الأجنبي . كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يمنع نساء أهل الكتاب أن يدخلن الحمام مع المسلمات . قوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهن } اختلفوا فيها ، فقال قوم : عبد المرأة محرم لها ، فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفاً ، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة ، كالمحارم وهو ظاهر القرآن . وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة ، وروي ثابت عن أنس { عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها ، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال : إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك " . وقال قوم : هو كالأجنبي معها ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وقال : المراد من الآية الإماء دون العبيد . وعن ابن جريج أنه قال : ( أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن ) أنه لا يحل لامرأة مسلمة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المرأة المشركة أمةً لها . قوله عز وجل : { أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال } قرأ أبو جعفر وابن عامر وأبو بكر غير بنصب الراء على القطع لأن التابعين معرفة وغير نكرة . وقيل : بمعنى إلا فهو استثناء ، معناه : يبدين زينتهن للتابعين إلا ذا الإربة منهم فإنهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة . وقرأ الآخرون بالجر على نعت التابعين والإربة والأرب : الحاجة . والمراد بالتابعين غير أولي الإربة هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم لا همة لهم إلا ذلك ، ولا حاجة لهم في النساء ، وهو قول مجاهد وعكرمة والشعبي . وعن ابن عباس أنه الأحمق العنين . وقال الحسن : هو الذي لا ينتشر ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن . وقال سعيد بن جبير : هو المعتوه ، وقال عكرمة : المجبوب . وقيل : هو المخنث . وقال مقاتل : الشيخ الهرم والعنين والخصي والمجبوب ونحوه .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنبأنا أحمد بن الحسين الحيري ، أنبأنا محمد ابن أحمد بن محمد بن معقل بن محمد الميداني ، أنبأنا محمد بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " كان رجل يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث ، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة فقال : إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أرى هذا يعلم ما ها هنا لا يدخلن عليكن هذا ، فحجبوه " . { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } أراد بالطفل الأطفال ، يكون واحداً وجمعاً ، أي : لم يكشفوا عن عورات النساء للجماع فيطلعوا عليها . وقيل : لم يعرفوا العورة من غيرها من الصغر ، وهو قول مجاهد . وقيل : لم يطيقوا أمر النساء . وقيل : لم يبلغوا حد الشهوة . { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } كانت المرأة إذا مشت ضربت برجلها ليسمع صوت خلخالها أو يتبين خلخالها ، فنهيت عن ذلك . { وتوبوا إلى الله جميعاً } من التقصير الواقع في أمره ونهيه . وقيل : راجعوا طاعة الله فيما أمركم به ونهاكم عنه من الآداب المذكورة في هذه السورة ، { أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } قرأ ابن عامر : ( آيه ) المؤمنون وبآية الساحر وآيه الثقلان بضم الهاء فيهن ، ويقف بلا ألف على الخط ، وقرأ الآخرون بفتح الهاءات على الأصل .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أنبأنا حميد بن زنجويه ، أنبأنا وهب بن جرير ، أنبأنا شعبة عن عمرو بن مرة ، عن أبي بردة أنه سمع الأغر يحدث عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس توبوا إلى الله ، فإني أتوب إليه في يوم مائة مرة " .
أخبرنا أبو الحسن عن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أنبأنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن حريم الشاشي ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن حميد الليثي ، حدثني ابن أبي شيبة ، أنبأنا عبد الله بن تمير ، عن مالك بن مغول ، عن محمد بن سوقة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول : رب اغفر لي ، وتب علي ، إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة " . وجملة الكلام في بيان العورات : أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى عورة الرجل ، وعورته ما بين السرة والركبة ، وكذلك المرأة مع المرأة ، ولا بأس بالنظر إلى سائر البدن إذا لم يكن خوف فتنة . وقال مالك وابن أبي ذئب : الفخذ ليس بعورة لما روي عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال : " أجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم فرساً في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم " . وأكثر أهل العلم على أن الفخذ عورة .
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الفضل الحزقي ، أنبأنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني ، أنبأنا علي بن حجر ، أنبأنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن أبي كثير ، عن محمد بن جحش قال : " مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان ، قال : يا معمر غط فخذيك ، فإن الفخذين عورة " وروي عن ابن عباس وجرهد بن خويلد ، كان من أصحاب الصفة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الفخذ عورة " . قال محمد بن إسماعيل : وحديث أنس أسند ، وحديث جرهد أحوط . أما المرأة مع الرجل فإن كانت أجنبيةً حرةً : فجميع بدنها في حق الأجنبي عورة ، ولا يجوز النظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين ، وإن كانت أمة : فعورتها مثل عورة الرجل ، ما بين السرة إلى الركبة ، وكذلك المحارم بعضهم مع بعض . والمرأة في النظر إلى الرجل الأجنبي كهو معها . ويجوز للرجال أن ينظر إلى جميع بدن امرأته وأمته التي تحل له ، وكذلك هي منه إلا نفس الفرج فإنه يكره النظر إليه ، وإذا زوج الرجل أمته حرم عليه النظر إلى عورتها كالأمة الأجنبية ، وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظرن إلى ما دون السرة وفوق الركبة " .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أَوْ آبَآئِهِنّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ أَبْنَآئِهِنّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِيَ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنّ أَوْ نِسَآئِهِنّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ أَوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَاتِ النّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ وَتُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وَقُلْ يا محمد للْمُؤْمِناتِ من أمتك يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنّ عما يكره الله النظر إليه مما نهاكم عن النظر إليه وَيحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ يقول : ويحفظن فروجهنّ على أن يراها من لا يحلّ له رؤيتها ، بلبس ما يسترها عن أبصارهم .
وقوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ يقول تعالى ذكره : ولا يُظْهرن للناس الذين ليسوا لهنّ بمحرم زينتهنّ ، وهما زينتان : إحداهما : ما خفي ، وذلك كالخَلْخال والسّوارين والقُرْطَين والقلائد . والأخرى : ما ظهر منها ، وذلك مختلف في المعنىّ منه بهذه الآية ، فكان بعضهم يقول : زينة الثياب الظاهرة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن الحجاج ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود ، قال : الزينة زينتان : فالظاهرة منها الثياب ، وما خفي : الخلخالان والقُرطان والسّواران .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني الثوريّ ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، أنه قال : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها : قال : هي الثياب .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الثياب .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله .
قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن زيد ، عن عبد الله ، مثله .
قال : حدثنا سفيان ، عن علقمة ، عن إبراهيم ، في قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها : قال : الثياب .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا بعض أصحابنا إما يونس ، إوما غيره عن الحسن ، في قوله : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الثياب .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الثياب .
قال أبو إسحاق : ألا ترى أنه قال : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلّ مَسْجِدٍ ؟ .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : حدثنا محمد بن الفضل ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن زيد ، عن ابن مسعود : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : هو الرداء .
وقال آخرون : الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه : الكحل ، والخاتم ، والسواران ، والوجه . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مروان ، قال : حدثنا مسلم المَلائي ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الكحل والخاتم .
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الأمُليّ ، قال : حدثنا مروان ، عن مسلم المَلائيّ ، عن سعيد بن جُبير ، مثله ، ولم يذكر ابن عباس .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن أبي عبد الله نهشل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : الظاهر منها : الكحل والخَدّان .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن مسلم بن هُرْمز ، عن سعيد بن جُبير ، في قوله : وَلايُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الوجه والكفّ .
حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن عبد الله بن مسلم بن هُرمز المكيّ ، عن سعيد بن جُبير ، مثله .
حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا أبو عمرو ، عن عطاء في قول الله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الكفّان والوجه .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ عن سعيد ، عن قَتادة قال : الكحل ، والسوران والخاتم .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : والزينة الظاهرة : الوجه ، وكُحل العين ، وخِضاب الكفّ ، والخاتم فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : المسكتان والخاتم والكحل . قال قتادة : وبلغني أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «لا يحِلّ لاِمْرأةٍ تُوْمِنُ باللّهِ واليَوْمِ الاَخِرِ أنْ تُخْرِجَ يَدَها إلاّ إلى هَا هُنا » . وقبض نصف الذراع .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، عن رجل ، عن المِسْورَ بن مخرمة ، في قوله : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : القلبين ، والخاتم ، والكحل : يعني السوار .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عباس ، قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الخاتم والمَسَكة . قال ابن جُرَيج ، وقالت عائشة : القُلْب والفَتْخَة ، قالت عائشة : دخلت عليّ ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفيل مزينّة ، فدخل النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأعرض ، فقالت عائشة : يا رسول الله إنها ابنة أخي وجارية . فقال : «إذا عَرَكَت المرأة لم يحلّ لها أن تظهر إلا وَجْهها ، وإلاّ ما دون هذا » ، وقبض على ذراع نفسه ، فترك بين قبضته وبين الكفّ مثل قبضة أخرى . وأشار به أبو علي قال ابن جُرَيج ، وقال مجاهد : قوله : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الكحل والخضاب والخاتم .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن عامر : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الكحل ، والخضاب ، والثياب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها من الزينة : الكحل ، والخضاب والخاتم هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس .
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمر بن أبي سلمة ، قال : سئل الأوزاعي عن : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الكفّين والوجه .
حدثنا عمرو بن بندق ، قال : حدثنا مروان ، عن جُويبر ، عن الضحاك في قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ قال : الكفّ والوجه .
وقال آخرون : عَنَى به الوجه والثياب . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : قال يونس : وَلا يُبْدِينَ زِينِتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال الحسن : الوجه والثياب .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، وعبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قَتادة ، عن الحسن ، في قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الوجه والثياب .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : عُنِي بذلك الوجهُ والكفان ، يدخل في ذلك إذا كان كذلك : الكحل ، والخاتم ، والسّوار ، والخِضاب .
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل ، لإجماع الجميع على أن على كلّ مصلّ أن يستر عورته في صلاته ، وأن المرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها ، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها إلا ما رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديَه من ذراعها إلى قدر النصف . فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعا ، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة كما ذلك للرجال لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره . وإذا كان لها إظهار ذلك ، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله : إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ، لأن كل ذلك ظاهر منها .
وقوله : وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ على جُيُوبِهِنّ يقول تعالى ذكره : وليلقين خُمُرَهنّ ، وهي جمع خمار ، على جيوبهنّ ، ليسترن بذلك شعورهنّ وأعناقهن وقُرْطَهُنّ .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن إبراهيم بن نافع ، قال : حدثنا الحسن بن مسلم بن يناق ، عن صفية بنت شيبة ، عن عائشة ، قالت : لما نزلت هذه الآية : وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ على جُيوبِهِنّ قال : شققن البُرْدَ مما يلي الحواشي ، فاختمرن به .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن قرة بن عبد الرحمن ، أخبره ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها قالت : يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل الله : وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرُهِنّ على جُيُوبِهِنّ شققن أكثف مروطهنّ ، فاختمرن به .
وقوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنّ يقول تعالى ذكره : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ التي هي غير ظاهرة بل الخفية منها ، وذلك الخَلخال والقُرط والدّمْلُج ، وما أُمرت بتغطيته بخمارها من فوق الجيب ، وما وراء ما أبيح لها كشفه وإبرازه في الصلاة وللأجنبيين من الناس ، والذراعين إلى فوق ذلك ، إلاّ لبعولتهنّ .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ) ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن طلحة بن مُصَرّف ، عن إبراهيم : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أوْ آبائِهِنّ قال : هذه ما فوق الذراع .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، قال : سمعت رجلاً يحدّث عن طلحة ، عن إبراهيم ، قال في هذه الآية : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أوْ آبائِهِنّ أو آباء بُعُولَتِهِنّ قال : ما فوق الجيب . قال شعبة : كتب به منصور إليّ ، وقرأته عليه .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قَتادة ، في قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنّ قال : تبدي لهؤلاء الرأس .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنّ . . . إلى قوله : عَوْرَاتِ النّساءِ قال : الزينة التي يبدينها لهؤلاء : قرطاها وقلادتها وسِوارها ، فأما خلخالاها ومِعْضدَاها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، قال ابن مسعود ، في قوله : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنّ قال : الطوق والقُرْطين ، يقول الله تعالى ذكره : قل للمؤمنات الحرائر لا يظهرن هذه الزينة الخفية التي ليست بالظاهرة إلا لبعولتهنّ ، وهم أزواجهن ، واحدهم : بعل ، أو لاَبائهنّ ، أو لأبناء بعولتهن ، أو لإخوانهن ، أو لبني إخوانهن .
ويعني بقوله : أوْ لإخْوَانِهِنّ أو لإخْوَاتِهِنّ ، أو لبني إخوانهن ، أو بني أخواتهن ، أو نسائهم . قيل : عُني بذلك نساء المسلمين . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : أوْ نِسائِهِنّ قال : بلغني أنهنّ نساء المسلمين ، لا يحلّ لمسلمة أن ترى مشركة عُرْيتها إلا أن تكون أمة لها ، فذلك قوله : أوْ ما مَلَكَتْ أيمانُهُنّ .
قال : ثني الحسين ، قال : ثني عيسى بن يونس ، عن هشام بن الغازي ، عن عبادة بن نسيّ ، أنه كره أن تقبل النصرانية المسلمة ، أو ترى عَوْرتها ، ويتأوّل : أو نسائهنّ .
قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن عبادة ، قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عُبيدة بن الجرّاح رحمة الله عليهما : أما بعد ، فقد بلغني أن نساء يدخلن الحمامات ومعهنّ نساء أهل الكتاب ، فامنع ذلك وْحُلْ دونه قال : ثم إن أبا عُبيدة قام في ذلك المقام مبتهلاً : اللهمّ أيما امرأة تدخل الحمام من غير علة ولا سقم تريد البياض لوجهها ، فسوّد وجهها يوم تبيضّ الوجوه .
وقوله : أوْ ما مَلَكَتْ أيمانُهُنّ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : أو مماليكهنّ ، فإنه لا بأس عليها أن تظهر لهم من زينتها ما تظهره لهؤلاء . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، عن مخلد التميميّ ، أنه قال ، في قوله : أوْ ما مَلَكَتْ أيمْانُهُنّ قال : في القراءة الأولى : «أيمانكم » .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أو ما ملكت أيمانهنّ من إماء المشركين ، كما قد ذكرنا عن ابن جُرَيج قبل من أنه لما قال : أوْ نِسائهنّ عَنَى بهنّ النساء المسلمات دون المشركات ، ثم قال : أو ما ملكت أيمانهنّ من الإماء المشركات .
يقول تعالى ذكره : والذين يَتْبَعونكم لطعام يأكلونه عندكم ، ممن لا أرب له في النساء من الرجال ، ولا حاجة إليهنّ ، ولا يريدهنّ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : أوِ التّابِعِينَ غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ قال : كان الرجل يتبع الرجل في الزمان الأوّل لا يغار عليه ولا ترهب المرأة أن تضع خمارها عنده ، وهو الأحمق الذي لا حاجة له في النساء .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : أَوِ التّابِعِينَ غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ فهذا الرجل يتبع القوم ، وهو مُغَفّل في عقله ، لا يكترث للنساء ولا يشتهيهنّ ، فالزينة التي تبديها لهؤلاء : قرطاها وقلادتها وسِواراها وأما خَلْخالاها ومِعْضداها ونحرها وشعرها ، فإنها لا تبديه إلا لزوجها .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : أوِ التّابِعِينَ قال : هو التابع يتبعك يصيب من طعامك .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسماعيل بن عُلَيّة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أوِ التّابِعِينَ غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ قال : الذي يريد الطعام ولا يريد النساء .
قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أوِ التّابِعِينَ غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ الذين لا يهمهم إلا بطونهم ، ولا يُخافون على النساء .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا إسماعيل بن موسى السّديّ ، قال : حدثنا شريك ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : غيرِ أُولى الإِرْبَةِ قال : الأَبْلَه .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت ليثا ، عن مجاهد ، قوله : غيرِ أُولي الإِرْبَةِ قال : هو الأبلَه ، الذي لا يعرف شيئا من النساء .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ الذي لا أرب له بالنساء مثل فلان .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عطية ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق عمن حدثه ، عن ابن عباس : غير أُولى الإرْبَةِ قال : هو الذي لا تستحي منه النساء .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مُغَيرة ، عن الشعبيّ : غيرِ أُولى الإرْبَةِ قال : من تَبَع الرجل وحشمه الذي لم يبلغ أَرَبه أن يطلع على عَورة النساء .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن المغيرة ، عن الشعبيّ : غيرِ أُولى الإرْبَةِ قال : الذي لا أرب له في النساء .
قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا حماد بن سَلَمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبير ، قال : المعتوه .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهريّ في قوله : أوِ التّابِعِينَ غَيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ قال : هو الأحمق ، الذي لا همّة له بالنساء ولا أرب .
وبه عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، في قوله : غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ يقول : الأحمق ، الذي ليست له همة في النساء .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عباس : الذي لا حاجة له في النساء .
حدثني يونس ، اقل : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أوَ التّابِعِينَ غيرِ أُولى الإرْبَةِ مِنَ الرجالِ قال : هو الذي يَتْبَع القوم ، حتى كأنه كان منهم ونشأ فيهم ، وليس يتبعهم لإربة نسائهم ، وليس له في نسائهم إِربة ، وإنما يتبعهم لإرفاقهم إياه .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كان رجل يدخل على أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم مُخَنّث ، فكانوا يعدّونه من غير أولي الإِربة ، فدخل عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة ، فقال : إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمان . فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «لا أرَى هَذَا يَعْلَمُ ما هَا هُنا ، لا يَدْخُلَنّ هَذَا عَلَيْكُمْ »فحَجَبُوه .
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكَم المِصريّ ، قال : حدثنا حفص بن عمر العَدَنيّ ، قال : حدثنا الحكم ابن أبان ، عن عكرمة في قوله : أوِ التّابِعِينَ غيرِ أُولى الإرْبَةِ قال : هو المُخَنّث الذي لا يقوم زُبّه .
واختلف القرّاء في قوله : غير أُولي الإرْبَةِ فقرأ ذلك بعض أهل الشام وبعض أهل المدينة والكوفة : «غيرَ أُولى الإرْبَةِ » بنصب «غير » ولنصب «غير » ها هنا وجهان : أحدهما على القطع من «التابعين » ، لأن «التابعين » معرفة وغير نكرة ، والاَخر على الاستثناء ، وتوجيه «غير » إلى معنى «إلا » ، فكأنه قيل : إلاّ . وقرأ غير من ذكرت بخفض غَيرِ على أنها نعت للتابعين ، وجاز نعت «التابعين » ب«غير » و«التابعون » معرفة وغيرُ نكرة ، لأن «التابعين » معرفة غير مؤقتة . فتأويل الكلام على هذه القراءة : أو الذين هذه صفتهم .
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مستفيضةٌ القراءة بهما في الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن الخفض في «غير » أقوى في العربية ، فالقراءة به أعجب إليّ . والإربة : الفِعْلة من الأَرَب ، المثل الجِلسة من الجُلوس ، والمِشية من المَشْي ، وهي الحاجة يقال : لا أرب لي فيك : لا حاجة لي فيك وكذا أَرِبْتُ لكذا وكذا : إذا احتجت إليه ، فأنا آرب له أَرَبا . فأما الأُرْبة ، بضم الألف : فالعُقْدة .
وقوله : أوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا على عَوْرَاتِ النّساءِ يقول تعالى ذكره : أو الطفل الذين لم يكشفوا عن عورات النساء بجماعهنّ فيظهروا عليهن لصغرهنّ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : على عَوْرَاتِ النّساءِ قال : لم يَدْروا ما ثَمّ ، من الصّغَر قبل الحُلُم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .
وقوله : ولا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ يقول تعالى ذكره : ولا يجعلن في أرجلهنّ من الحُلِيّ ما إذا مَشَيْن أو حرّكنهنّ علم الناس الذين مشين بينهم ما يخفين من ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : زعم حَضْرِميّ أن امرأة اتخذت بُرَتَيْن من فضة ، واتخذت جَزْعا ، فمرّت على قوم ، فضربت برجلها ، فوقع الخلخال على الجَزْع ، فصوّت فأنزل الله : وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، عن أبي مالك : وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ قال : كان في أرجلهم خَرَز ، فكنّ إذا مررن بالمجالس حرّكن أرجلهنّ ليعلم ما يُخْفين من زينتهنّ .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : وَلا يَضْرِبنَ بأرْجُلِهِنّ فهو أن تَقَرَع الخَلْخال بالاَخر عند الرجال ، ويكون في رجليها خلاخل فتحرّكهنّ عند الرجال ، فنهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك لأنه من عمل الشيطان .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ قال : هو الخَلْخال ، لا تضرب امرأة برجلها ليسمع صوت خَلْخالها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ قال : الأجراس من حُلِيهّنّ يجعلنها في أرجلهنّ في مكان الخلاخل ، فنهاهنّ الله أن يضربن بأرجلهنّ لتسمع تلك الأجراس .
وقوله : وَتُوبُوا إلى الله جَمِيعا أيّها المُؤْمِنُونَ يقول تعالى ذكره : وارجعوا أيها المؤمنون إلى طاعة الله فيما أمركم ونهاكم ، من غَضّ البَصر وحفظ الفرج وتَرْك دخول بيوت غير بيوتكم من غير استئذان ولا تسليم ، وغير ذلك من أمره ونهيه . لَعّلَكُمْ تُفْلِحُونَ يقول : لتفلحوا وتدركوا طَلِباتكم لديه ، إذا أنتم أطعتموه فيما أمركم ونهاكم .
وقوله تعالى : { وقل للمؤمنات } الآية أمر الله تعالى النساء في هذه الآية بغض البصر عن كل ما يكره من جهة الشرع النظر إليه ، «وفي حديث أم سلمة قالت : كنت أنا وعائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم فدخل ابن أم مكتوم فقال النبي عليه السلام » احتجبن «فقلنا : أعمى ، فقال النبي عليه السلام » أفعمياوان أنتما ؟{[8676]} «و { من } تحتمل ما تقدم في الأولى ، و » حفظ الفروج «يعم الفواحش وستر العورة وما دون ذلك مما فيه حفظ ، وأمر الله تعالى بأن { لا يبدين زينتهن } للناظرين إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية ، ثم استثنى ما يظهر من الزينة ، فاختلف الناس في قدر ذلك ، فقال ابن مسعود ظاهر الزينة هو الثياب ، وقال سيعد ين جبير الوجه والثياب ، وقال سعيد بن جبير أيضاً وعطاء والأوزاعي الوجه والكفان والثياب ، وقال ابن عباس وقتادة والمسور بن مخرمة{[8677]} ظاهر الزينة هو الكحل والسواك والخضاب إلى نصف الذراع والِقَرَطة والفتخ{[8678]} ونحو هذا فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس ، وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم{[8679]} وذكر آخر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم{[8680]} .
قال الفقيه الإمام القاضي : ويظهر لي في محكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ، ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك ، فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفو عنه فغالب الأمر أن الوجه بما فيه والكفين يكثر فيهما الظهور ، وهو الظاهر في الصلاة ، ويحسن{[8681]} بالحسنة الوجه ان تستره إلا من ذي حرمة «محرمة » ويحتمل لفظ الآية أن الظاهر من الزينة لها أن تبديه ولكن يقوي ما قلناه الاحتياط ومراعاة فساد الناس فلا يظن أن يباح للنساء من إبداء الزينة إلا ما كان بذلك الوجه والله الموفق للصواب برحمته ، وقرأ الجمهور «ولْيضربن » بسكون اللام التي هي للأمر ، وقرأ أبو عمر في رواية عباس عنه و «لِيضربن » بكسر اللام على الأصل لأن أصل لام الأمر الكسر في «ليذهب وليضرب » ، وإنما تسكينها كتسكين عضد وفخذ{[8682]} ، وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة سدلنها من وراء الظهر قال النقاش كما يصنع النبط فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك فأمر الله تعالى ب «الخمار على الجيوب » وهيئة ذلك [ أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها ]{[8683]} يستر جميع ما ذكرناه ، وقالت عائشة رضي الله عنها : رحم الله المهاجرات الأول لما نزلت هذه الآية عمدن إلى أكثف المروط فشققنها أخمرة وضربن بها على الجيوب . ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت إنما يضرب بالكثيف الذي يستر ، ومشهور القراءة ضم الجيم من «جُيوبهن » وقرأ بعض الكوفيين بكسرها بسبب الياء كقراءتهم ذلك في بيوت وشيوخ ذكره الزهراوي .
{ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ }
المعنى في هذه الآية ولا يقصدن ترك الإخفاء للزينة الباطنة كالخلخال والأقراط ونحوه ويطرحن مؤونة التحفظ إلا مع من سمي وبدأ تعالى ب «البعولة » وهو الأزواج لأن إطلاعهم يقع على أعظم من هذا ، ثم ثنى به المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ولكنهم تختلف مراتبهم في الحرمة بحسب ما في نفوس البشر ، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها ، وتختلف مراتب ما يبدي لهم فيبدي للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج ، وقوله { أو نسائهن } يعني جميع المؤمنات فكأنه قال أو صنفهن ، ويدخل في هذا الإماء المؤمنات ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم ، وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة : «أنه بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين فامنع من ذلك وحل دونه فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة{[8684]} .
قال فعند ذلك قام أبو عبيدة فابتهل وقال : أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه . وقوله : { أو ما ملكت أيمانهن } يدخل فيه الإماء الكتابيات{[8685]} ويدخل فيه العبيد عند جماعة من أهل العلم ، وهو الظاهر من مذهب عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما ، وقال ابن عباس وجماعة من العلماء لا يدخل العبد على سيدته فيرى شعرها ونحو ذلك إلا أن يكون وغداً ، فمنعت هذه الفرقة الكشف بملك اليمين وأباحته بأن يكون من { التابعين غير أولي الإربة } وفي بعض المصاحف «ملكت أيمانكم » فيدخل فيه عبدالغير ، وقوله { أو التابعين } يريد الأتباع الذين يدخلون ليطعموا الفضول من الرجال الذين لا إربة لهم في الوطء ، فهي شرطان ، ويدخل في هذه الصفة المجبوب{[8686]} والمعتوه والمخنث والشيخ الفاني والزمن الموقوذ بزمانته{[8687]} ونحو هذا هو الغالب في هذه الأصناف ، ورب مخنث لا ينبغي أن يكشف ، ألا ترى إلى حديث هند ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كشفه على النساء لما وصف بادنة بنت غيلان بن معتب{[8688]} ، وتأمل ما روي في أخبار الدلال المخنث وكذلك الحمقى والمعتوهون فيهم من لا ينبغي أن يكشف ، والذي «لا إربة له » من الرجال قليل و { الإربة } الحاجة إلى الوطء{[8689]} ، وعبر عن هذا بعض المفسرين ، قال هو الذي يتبعك لا يريد إلا الطعام وما تؤكله ، وقرأ عاصم{[8690]} وابن عامر «غيرَ » بالنصب وهو على الحال من الذكر الذي في { التابعين } ، وقرأ الباقون «غيرِ » بالخفض على النعت ل { التابعين } والقول فيها كقول في { غير المغضوب }{[8691]} [ الفاتحة : 7 ] وقوله { أو الطفل } اسم جنس بمعنى الجمع{[8692]} ويقال طفل ما لم يراهق الحلم ، و { يظهروا } معناه يطلعون بالوطء{[8693]} ، والجمهور على سكون الواو من «عوْرات » ، وروي عن ابن عامر فتح الواو ، وقال الزجاج الأكثر سكون الواو ، كجوزات وبيضات لثقل الحركة على الواو والياء ، ومن قرأ بالفتح فعلى الأصل في فعلة وفعلات .
{ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
أسند الطبري عن المعتمر عن أبيه قال : زعم حضرمي أن امرأة اتخذت برتين{[8694]} من فضة واتخذت جزعاً{[8695]} فجعلت في ساقيها فمرت على القوم فضربت برجلها الأرض فوقع الخلخال على الجزع فصوت فنزلت هذه الآية ، وسماع هذه الزينة أشد تحريكاً للشهوة من إبدائها ، ذكره الزجاج ، قال مكي رحمه الله ليس في كتاب الله آية أكثر ضمائر من هذه جمعت خمسة وعشرين ضميراً للمؤمنات من مخفوض ومرفوع ، وقرأ عبد الله بن مسعود «ليعلم ما سر من زينتهن »{[8696]} ثم أمر عز وجل بالتوبة مطلقة وقد قيد توبة الكفار بالإخلاص وبالانتهاء في آية أخرى{[8697]} ، وتوبة أهل الذمة بالتبيين ، يريد لأمر محمد عليه السلام{[8698]} وأمر بهذه التوبة مطلقة عامة من كل شيء صغير وكبير ، وقرأ الجمهور «أيُّهَ » بفتح الهاء ، وقرأ ابن عامر «أيُّهَ » بضم الهاء ووجهه أن تجعل الهاء كأنها من نفس الكلمة فيكون إعراب المنادى فيها ، وضعف أبو علي ذلك جداً{[8699]} ، وبعضهم يقف «أية » وبعضهم يقف «أيها » بالألف ، وقوى أبو علي الوقف بالألف لأن علة حذفها في الوصل إنما هي سكونها وسكون اللام فإذا كان الوقف ذهبت العلة فرجعت الألف كما ترجع الياء إذا وقفت على
{ محلي } [ المائدة : 1 ] من قوله { غير محلي الصيد }{[8700]} [ المائدة : 1 ] ، والاختلاف الذي ذكرناه في { أيه المؤمنون } كذلك هو في { أيه الساحر }{[8701]} [ الزخرف : 49 ] و { أيه الثقلان }{[8702]} [ الرحمن : 31 ] .