جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّـٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (31)

{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ{[3513]} يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } : عما يحرم عليهن النظر إليه ، { وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } : عما يحرم ، { وَلَا يُبْدِينَ } ، لا يظهرن ، { زِينَتَهُنَّ } : كالخلخال والقرط ، وغيرهما ، { إِلَّا مَا ظَهَرَ{[3514]} مِنْهَا } : كالخاتم والكحل ، { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ } ، جمع خمار وهو المقنعة ، { عَلَى جُيُوبِهِنَّ } ، ليسترن بذلك القرط ، والأعناق والصدر ، { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } ، أي : الزينة الخفية ، { إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ{[3515]} أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ } : المؤمنات أما الكافرات فعند أكثر{[3516]} السلف أنهن كالأباعد{[3517]} ، قال بعض السلف ، الأولى أن يُسَتَّرن من العم ، والخال حذرا عن أن يصفاهن لأبنائهما ، ولهذا لم يذكرهما{[3518]} ، { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } ، أكثر السلف على أن العبيد كالآباء{[3519]} ، والأبناء ، وعن بعض : أن المراد ما ملكت من إماء المشركات فإنهن محرمات ، { أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ } ، الإربة الحاجة ، والمراد منهم من لا حاجة لهم إلى النساء ، ويتبعون ليصيبوا من أفضل الطعام ، أو الأحمق الغبي ، أو من يستطيع غشيان النساء ، ومن قرأ غير بالنصب فعنده أنه حال أو بتقدير أعنى ، { أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء } ، وصف المفرد بالجمع ، لأن المراد به الجنس ، أي : أطفال لا يعرفون ما العورة ، فمعنى الظهور الاطلاع أو المراد أطفال لم يبلغوا من الظهور بمعنى الغلبة ، { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ } : الأرض ، { لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } : من صوت الخلخال ، وهذا من عادات الجاهلية ، { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا } : من التقصير في أوامره ، ونواهيه ، أو المراد توبوا عن مثل{[3520]} ما كنتم عليه في الجاهلية من أمر النظر ، وغيره ، { أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{[3521]} } : راجين الفلاح ،


[3513]:أمرهن مصرحا لا في ضمن أمر الرجال لكمال الاهتمام في شأن غض البصر وحفظ الفرج /12 وجيز.
[3514]:كالخاتم، والكحل، قال ابن مسعود: (ما ظهر منها: هو الثياب، ونص على هذا أحمد، قال تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} وذكر الزينة دون مواضعها مبالغة في الأمر بالستر فعلم ستر مواضعها بطريق الأولى /12 وجيز.
[3515]:قدم الأزواج، لأن اطلاعهم يقع على أعظم من الزينة، بل الزينة لهم /12 وجيز.
[3516]:وقد كتب عمر بن عبد العزيز [وهذا وهم وصوابه (عمر بن الخطاب –رضي الله عنه) تفسير القرطبي (6/216) وتفسير ابن كثير (3/285)] إلى أبي عبيدة أن امنع نساء أهل الذمة من دخول الحمام مع المؤمنات/12.
[3517]:صرح بذلك عمر بن الخطاب ومجاهد / 12 منه.
[3518]:قال الشعبي، وعكرمة: الأولى أن تتحاشى منهما حذرا من أن يصافهن لأبنائهما فلهذا لم يذكر هما /12 وجيز.
[3519]:وعليه حديث صحيح/12 وجيز. [وهو قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة لما وهبها عبدا ورآها تستر نفسها منه: (لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك) أخرجه أبو داود وغيره بسند صحيح].
[3520]:وفي معنى إبداء مثل الخلخل والتطيب عند الخروج من بيتها كما ثبت في الترمذي: (إذا استعطرت فمرت بمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية) / 12 وجيز [صحيح].
[3521]:قيل ليس في كتاب الله آية أكثر ضمائر من هذه جمعت خمسة وعشرين للمؤمنات من مخفوض ومرفوع، ولما كان النظر بالشهوة، وهم الوقوع هذا في الزنا غالبة في العزب أعقب أمر غض البصر، وحفظ الفرج بالتزوج فقال: {وانكحوا الأيامي} الآية /12 وجيز.