{ وَقُل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أبصارهن وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } أمرن بغض الأبصار فلا يحل للمرأة أن تنظر من الأجنبي إلى ما تحت سرته إلى ركبتيه ، وإن اشتهت غضت بصرها رأساً ولا تنظر إلى المرأة إلا إلى مثل ذلك وغض بصرها من الأجانب أصلاً أولى بها . وإنما قدم غض الأبصار على حفظ الفروج لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور فبذر الهوى طموح العين { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } الزينة ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب ، والمعنى ولا يظهرن مواضع الزينة إذ إظهار عين الزينة وهي الحلي ونحوها مباح فالمراد بها مواضعها أو إظهارها وهي في مواضعها لإظهار مواضعها لا لإظهار أعيانها ، ومواضعها الرأس والأذن والعنق والصدر والعضدان والذراع والساق فهي للإكليل والقرط والقلادة والوشاح والدملج والسوار والخلخال { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } إلا ما جرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان والقدمان ، ففي سترها حرج بين فإن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن { وَلْيَضْرِبْنَ } وليضعن من قولك «ضربت بيدي على الحائط » إذا وضعتها عليه { بِخُمُرِهِنَّ } جمع خمار { على جُيُوبِهِنَّ } بضم الجيم : مدني وبصري وعاصم . كانت جيوبهن واسعة تبدو منها صدورهن وما حواليها وكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى مكشوفة فأمرن بأن يسدلنها من أقدامهن حتى تغطيها .
{ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } أي مواضع الزينة الباطنة كالصدر والساق والرأس ونحوها { إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } لأزواحهن جمع بعل { أو ءَابآئهن } ويدخل فيهم الأجداد { أو آباء بعولتهن } فقد صاروا محارم { أَوْ أَبْنَائِهِنَّ } ويدخل فيهم النوافل { أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ } فقد صاروا محارم أيضاً { أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أخواتهن } ويدخل فيهم النوافل وسائر المحارم كالأعمام والأخوال وغيرهم دلالة { أَوْ نِسَائِهِنَّ } أي الحرائر لأن مطلق هذا اللفظ يتناول الحرائر { أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهن } أي إمائهن ولا يحل لبعدها أن ينظر إلى هذه المواضع منها خصياً كان أو عنيناً أو فحلاً .
وقال سعيد بن المسيب : لا تغرنكم سورة النور فإنها في الإماء دون الذكور . وعن عائشة رضي الله عنها أنها أباحت النظر إليها لعبدها { أَوِ التابعين غَيْرِ } بالنصب : شامي ويزيد وأبو بكر على الاستثناء أو الحال ، وغيرهم بالجر على البدل أو على الوصفية { أُوْلِى الإربة } الحاجة إلى النساء . قيل : هم الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ولا حاجة لهم إلى النساء لأنهم بله لا يعرفون شيئاً من أمرهن ، أو شيوخ صلحاء ، أو العنين أو الخصي والمخنث . وفي الأثر أنه المجبوب والأول الوجه { مِنَ الرجال } حال { أَوِ الطفل الذين } هو جنس فصلح أن يراد به الجمع { لَمْ يَظْهَرُواْ على عورات النساء } أي لم يطلعوا لعدم الشهوة من ظهر على الشيء إذا اطلع عليه ، أو لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء من ظهر على فلان إذا قوي عليه { وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } كانت المرأة تضرب الأرض برجليها إذا مشت لتسمع قعقعة خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فنهين عن ذلك إذ سماع صوت الزينة كإظهارها ومنه سمي صوت الحلي وسواساً { وَتُوبُواْ إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون } { أَيُّهُ } شامي إتباعاً للضمة قبلها بعد حذف الألف لالتقاء الساكنين ، وغيره على فتح الهاء لأن بعدها ألفاً في التقدير { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } العبد لا يخلو عن سهو وتقصير في أوامره ونواهيه وإن اجتهد . فلذا وصى المؤمنين جميعاً بالتوبة وبتأميل الفلاح إذا تابوا وقيل : أحوج الناس إلى التوبة من توهم أنه ليس له حاجة إلى التوبة ، وظاهر الآية يدل على أن العصيان لا ينافي الإيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.