قوله{[34542]} : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } الكلام{[34543]} فيه كما تقدم وقدم غض البصر على حفظ الفرج لأن النظر بريد الزنا ، والبلوى فيه أشد وأكثر ، ولا يكاد يقدر على الاحتراز منه{[34544]} .
قوله : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } أي : لا يظهرن زينتهن لغير محرم ، والمراد بالزينة : الخفية ، وهما زينتان : خفية وظاهرة . فالخفية : مثل الخلخال والخضاب في الرِّجْل ، والسوار{[34545]} في المعصم ، والقرط{[34546]} والقلائد{[34547]} ، فلا يجوز لها إظهارها ، ولا للأجنبي النظر إليها . والمراد بالزينة{[34548]} : موضع الزينة .
وقيل : المراد بالزينة : محاسن الخَلْق التي خلقها الله ، وما تزين به الإنسان من فضل لباس{[34549]} ، لأن كثيراً من النساء ينفردن بخَلْقِهِنَّ من سائر ما يُعَدُّ زينة ، فإذا حملناه على الخِلْقَة وفينا العموم حقه ، ولا يمنع دخول ما عدا الخِلْقة فيه ، ولأنَّ قوله : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ } يدل على أن المراد من الزينة ما يعم الخِلْقة وغيرها ، فكأنها تعالى منعهن من إظهار محاسن خلقهن ، موجباً سترها بالخمار{[34550]} .
قوله : { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } . أما الذين حملوا الزينة على الخلقة فقال القفال : معنى الآية : إلا ما يظهره الإنسان في العادة ، وذلك من النساء : الوجه والكفان ، ومن الرجال : الوجه واليدان والرجلان ، فرخص لهم في كشف ما اعتيد كشفه ، وأدت الضرورة إلى إظهاره ، وأمرهم بستر ما لا ضرورة في كشفه . ولما كان ظهور الوجه والكفين ضرورة لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة .
وأما القدم{[34551]} فليس ظهوره ضرورياً فلا جرم اختلفوا فيه هل هو من العورة أم لا ؟ والصحيح أنه عورة . وفي صوتها وجهان :
أصحهما ليس بعورة ، لأن نساء النبي - عليه السلام{[34552]} - كن يروين الأخبار للرجال .
وأما الذين حملوا الزينة على ما عد الخلقة ، قالوا : إنه تعالى إنما{[34553]} ذكر الزينة لأنه لا خلاف في أنه يحل النظر إليها حال ( انفصالها عن أعضاء المرأة ، فلما حرم الله النظر إليها حال ){[34554]} اتصالها ببدن المرأة كان ذلك مبالغة في حرمة النظر إلى أعضاء المرأة . وعلى هذا القول يحل النظر إلى زينة وجهها من الوَشمَة{[34555]} والغُمْرَة{[34556]} ، وزينة بدنها من الخضاب والخواتيم والثياب ، لأن سترها فيه حرج{[34557]} ، لأن المرأة لا بد لها من مزاولة الأشياء بيديها ، والحاجة إلى كشف وجهها للشهادة والمحاكمة والنكاح{[34558]} .
قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي{[34559]} : «الزينة الظاهرة التي استثنى الله الوجهُ والكفان{[34560]} » .
وقال ابن مسعود : هي الثياب ، لقوله تعالى : { خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ{[34561]} }{[34562]} [ الأعراف : 31 ] .
وقال الحسن : الوجه والثياب{[34563]} .
وقال ابن عباس : الكحْل والخاتم والخضاب في الكف{[34564]} . فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للرجل الأجنبي النظر إليها إذا لم يخف فتنة وشهوة ، فإن خاف شيئاً منها غض البصر{[34565]} .
فصل{[34566]}
واتفقوا على تخصيص قوله : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } بالحرائر دون الإماء والمعنى فيه ظاهر ، لأن الأمة مالٌ ، فلا بد من الاحتياط في بيعها وشرائها ، وذلك لا يمكن إلا بالنظر إليها على الاستقصاء{[34567]} .
قوله : «وَلْيَضْرِبْنَ » . ضمن «يضْرِبْنَ » معنى «يُلْقِينَ » فلذلك عداه ب «على{[34568]} » . وقرأ أبو عمرو في رواية بكسر لام الأمر{[34569]} .
وقرأ طلحة : «بِخُمْرهنَّ » بسكون الميم{[34570]} . وتسكين «فَعْل » في الجمع أولى من تسكين المفرد . وكسر الجيم من «جِيُوبِهِنَّ » ابن كثير والأخوان وابن ذكوان{[34571]} .
والخُمُر : جمع خمار ، وفي القلة يجمع على أخْمِرة . قال امرؤ القيس :
وَتَرَى الشَّجْراءَ{[34572]} فِي رِيِّقِهِ *** كَرُؤُوسٍ قُطِعَتْ فِيهَا الخُمُرْ{[34573]}
والجيب : ما في طوق القميص يبدو منه بعض الجسد .
فصل{[34574]}
قال المفسرون : إنَّ نساء الجاهلية كنَّ يُسْدِلْنَ{[34575]} خُمُرهن من خلفهن ، وإن جيوبهن كانت من قدام ، وكانت{[34576]} تنكشف نحورهن وقلائدهن ، فأمرن{[34577]} أن يضربن مقانعهن على{[34578]} الجيوب لتغطي بذلك أعناقهن ونحورهن .
قالت عائشة{[34579]} : رحم الله نساءَ المهاجرات الأُوَل ، لما أنزل الله : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن{[34580]} فاختمرن بها{[34581]} .
قوله : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } يعني الزينة الخفية التي لم يبح لهنَّ كشفها في الصلاة ولا للأجانب ، وهو ما عد الوجه والكفين «إِلاَّ لِبُعولَتهنَّ » قال ابن عباس ومقاتل : يعني لا يضعن الجلباب والخمار إلا لأزواجهن { أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بني إِخْوَانِهِنَّ{[34582]} أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ } فيجوز لهؤلاء أن{[34583]} ينظروا إلى الزينة الباطنة ، ولا ينظروا إلى ما بين السرة والركبة إلا الزوج فإنه يجوز له أن ينظر على ما تقدم ، وهؤلاء محارم .
فإن قيل : أيحل لذي المحرم في المملوكة والكافرة ما لا يحل في المؤمنة ؟
فالجواب : إذا ملك المرأة من محارمه فله أن ينظر منها إلى بطنها وظهرها لا على وجه الشهوة{[34584]} فإن قيل : فما القول في العم والخال ؟
فالجواب : أن الظاهر أنهما{[34585]} كسائر المحارم في جواز النظر ، وهو قول الحسن البصري قال : لأن الآية لم يذكر فيها الرضاع ، وهو كالنسب ، وقال في سورة الأحزاب{[34586]} { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ في آبَائِهِنَّ }{[34587]} الآية [ الأحزاب : 55 ] ولم يذكر فيها البعولة ، وقد ذكره هنا .
وقال الشعبي : إنما لم يذكرهما الله لئلا يصفها العم عند ابنه ، والخال كذلك .
والمعنى : أن سائر القرابات تشترك مع الأب والابن في المحرمية إلا العم والخال وابناهما ، وإذا رآها الأب وصفها لابنه وليس بمحرم ، وهذا من الدلالات البليغة في وجوب الاحتياط عليهن في النسب{[34588]} .
والسبب في إباحة نظر هؤلاء إلى زينة المرأة هو{[34589]} الحاجة إلى مداخلتهن ومخالطتهن واحتياج المرأة إلى صحبتهم في{[34590]} الأسفار في النزول والركوب{[34591]} .
قال أكثر المفسرين : المراد اللاَّئِي على دينهن .
قال ابن عباس : ليس للمسلمة أن تتجرد بين نساء أهل الذمة{[34592]} ، ولا تبدي للكافرة{[34593]} إلا ما تبدي للأجانب إلا أن تكون أمة لها .
وكتب عُمَر إلى أبي عبيدة أن تمنع نساء أهل الكتاب من دخول الحمام مع المؤمنات . وقيل : المراد ب «نِسَائِهِنَّ » جميع النساء .
وهذا هو الأولى ، وقول السلف محمول على الاستحباب{[34594]} .
قوله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } . وهذا يشمل العبيد والإماء ، واختلفوا في ذلك : فقال قوم : عبد المرأة مَحْرَم لها يجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفاً ، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة كالمحارم ، وهو ظاهر القرآن ، وهو مروي عن عائشة وأم سلمة . «وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها ، وعلى فاطمة ثوب إذا قَنعْت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تلقى قال : «إنه ليس عليك بأس ، إنما هو أبوك وغُلامك »{[34595]} . وعن مجاهد : «كنَّ أمهات المؤمنين لا{[34596]} يحتجبن عن مكاتبهن{[34597]} ما بقي عليه درهم » . وكانت عائشة تمتشط والعبد ينظر إليها .
وقال ابن مسعود والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب : لا ينظر العبد إلى شعر مولاته . وهو قول أبي حنيفة{[34598]} .
وقال ابن جريج : المراد من الآية : الإماء دون العبيد ، وأن قوله : { أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } أنه لا يحل لامرأةٍ مسلمة أن تتجرد بين امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المشركة أمةً لها{[34599]} .
قوله : { أَوِ{[34600]} التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال } .
قرأ ابن عامر وأبو بكر{[34601]} : «غَيْرَ » نصباً{[34602]} ، وفيها وجهان :
وقيل{[34603]} : على القطع ، لأن «التَّابِعِينَ » معرفة و «غَيْر » نكرة .
والثاني : أنه حال{[34604]} . والباقون : «غيرِ » بالجر{[34605]} نعتاً ، أو بدلاً{[34606]} ، أو بياناً .
والإِرْبَةُ : الحاجةُ . وتقدم اشتقاقها في «طه »{[34607]} .
( قوله : «مِنَ الرِّجَالِ » حال من «أُولِي »{[34608]} ){[34609]} .
المراد ب { التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة } .
قال مجاهد وعكرمة والشعبي : هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم ، لا همة لهم إلا ذلك ، ولا حاجة لهم في النساء .
وعن ابن عباس : أنه الأحمق العنين .
وقال الحسن : «هو الذي لا ينتشر ولا يستطيع غشيان{[34610]} النساء ولا يشتهيهن » .
وقال سعيد بن جبير : المعتوه{[34611]} . وقال عكرمة : المجبوب{[34612]} . وقيل : هو المخنّث{[34613]} . وقال مقاتل : هو الشيخ الهم والعنِّين والخَصِيّ والمجبوب ونحوه{[34614]} .
واعلم أن الخَصِيّ والمجبوب ومن يشاكلهما قد لا يكون له إربة في نفس الجماع ، ويكون له إربة فيما عداه من التمتع ، وذلك يمنع من أن يكون هو المراد ، فيجب أن يحمل المراد على من لا إربة له في سائر وجوه التمتع لما روت عائشة قالت :
كانَ رجلٌ مخنَّثٌ يدخل على أزواج - النبي صلى الله عليه وسلم - فكانوا يَعدُّونه من غير أولي الإربة ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً وهو عند بعض نسائه ، وهو ينعت امرأة فقال : إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمانٍ{[34615]} . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أَلاَ أرى هذا يعلم ما هَهُنا ، لا يَدْخُلَنَّ هَذا » فحجبوه{[34616]} .
وفي رواية عن زينب بنت أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليها وعندها مخنَّث ، فأقبل على أخي أم سلمة ، فقال : «يا عبد الله ، إن فتح الله غداً لكم الطائف دللتك على بنت غيلان ، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان » . فقال عليه السلام{[34617]} : «لا يدخُلَنَّ عليكم هذا » فأباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخول المخنث عليهن ، فلما علم أنه يعرف أحوال النساء وأوصافهنَّ علم أنه من أولي الإربة ، فحجبه{[34618]} .
وفي الخَصِيّ والمجبوب ثلاثة أوجه :
أحدها : استباحة الزينة الباطنة .
( والثالث : تحريمها ){[34619]} على المَخْصِيّ دون المجبوب{[34620]} .
قوله{[34621]} : أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ } .
تقدم{[34622]} في الحج{[34623]} أن الطفل يطلق على المثنى والمجموع ، فلذلك وصف بالجمع .
وقيل : لما قصد به الجنس روعي فيه الجمع كقولهم : «أَهْلَكَ النَّاسَ الدِّينَار الحمْر والدِّرْهَمُ البِيضُ »{[34624]} . و«عَورَاتِ » جمع عَوْرَةٍ ، وهو ما يريد الإنسان ستره من بدنه ، وغلب في السَّوأَتَيْن . والعامة على «عوْرات » بسكون الواو ، وهي لغة عامة العرب ، سكنوها تخفيفاً لحرف العلة . وقرأ ابن عامر في رواية «عَوَرَاتِ » بفتح الواو {[34625]} .
ونقل ابن خالويه أنها قراءة ابن أبي إسحاق والأعمش ، وهي لغة هذيل بن مدركة{[34626]} . قال الفراء{[34627]} : وأنشد في بعضهم :
أَخُو بَيَضَاتٍ رائِحٌ مُتَأوِّبٌ{[34628]} *** رَفِيقٌ بمَسْحِ المَنْكبَيْنِ سَبوح{[34629]}
وجعلها ابنُ مجاهد لحناً وخطأ ، يعني : من طريق الرواة ، وإلا فهي لغة ثانية{[34630]} .
( فصل ){[34631]}
الظهور على الشيء يكون بمعنى العلم به ، كقوله{[34632]} تعالى : { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ }{[34633]} [ الكهف : 20 ] أي : يشعروا بكم . ويكون بمعنى الغلبة عليه ، كقوله : { فَأَصْبَحُوا ظَاهِرينَ }{[34634]} .
فلهذا قال مجاهد وابن قتيبة : معناه : لم يطلعوا على عورات النساء ، ولم يعرفوا العورة من غيرها من الصغر{[34635]} .
وقال الفراء{[34636]} والزجاج{[34637]} : لم يبلغوا أن يطيقوا إتيان النساء{[34638]} .
فأما المراهق فيلزم المرأة أن تستُر منه ما بين سرتها وركبتها ، وفي لزوم ستر ما عداه وجهان :
الأول : لا يلزم ، لأن القلم غير جار عليه .
والثاني : يلزم كالرجل ، لأنه مشتهى ، والمرأة قد تشتهيه ، واسم الطفل شامل له إلى أن يحتلم{[34639]} وأما الشيخ فإن بقيت له شهوة فهو كالشاب ، وإن لم تبق له شهوة ففيه وجهان :
أحدهما : أن الزينة الباطنة معه مباحة ، والعورة معه{[34640]} ما بين السرة والركبة .
والثاني : أن جميع البدن معه عورة إلا الزينة الظاهرة .
وههنا آخر الصور التي استثناها الله تعالى ، ( والرضاع كالنسب ) {[34641]} {[34642]} .
قوله : { وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } .
قال ابن عباس وقتادة : كانت المرأة تمر بالناس وتضرب برجليها ليسمع{[34643]} قعقعة خلخالها ، فنُهِينَ عن ذلك ؛ لأن الذي تغلب عليه شهوة النساء إذا سمع صوت الخلخال يصير ذلك داعية له زائدة إلى مشاهدتهن ، وعلل تعالى ذلك بقوله : { لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ }{[34644]} وفي الآية فوائد :
الأولى : لما نهي عن استماع الصوت الدال على وجود الزينة ، فلأن يدل على المنع من إظهار الزينة أولى .
الثانية : أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب ، إذ{[34645]} كان صوتها أقرب إلى الفتنة ( من صوت خلخالها ، ولذلك كرهوا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت ، والمرأة منهية عنه .
الثالثة : تدل على تحريم النظر إلى وجهها بشهوة ، لأن ذلك أقرب إلى الفتنة ){[34646]} {[34647]} .
قوله تعالى : { وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَا المؤمنون } . قال ابن عابس : توبوا{[34648]} مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة{[34649]} . وقيل : تُوبُوا من التقصير الواقع منكم في أمره ونهيه . وقيل : راجعوا طاعة الله فيما أمركم ونهاكم من الآداب المذكورة في هذه السورة .
قوله : «أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ » . العامة على فتح الهاء وإثبات ألف بعد الهاء ، وهي «ها »{[34650]} التي للتنبيه . وقرأ ابن عامر هنا وفي الزخرف «يأَيُّهُ{[34651]} السَّاحِر »{[34652]} وفي الرحمن «أَيُّهُ الثقلان »{[34653]} بضم الهاء وصلاً ، فإذا وقف سكن{[34654]} .
ووجهها{[34655]} : أنه لما حذفت الألف لالتقاء الساكنين استحقت الفتحة على حرف خفي ، فضمت الهاء{[34656]} إتباعاً . وقد رُسِمَتْ هذه المواضع الثلاثة دون ألف ، فوقف أبو عمرو والكسائي بألف والباقون بدونها اتباعاً للرسمِ ، ولموافقة الخط للفظ{[34657]} . وثبتت في غير هذه المواضع حَمْلاً لها على الأصل نحو : «يَأَيُّهَا النَّاسُ »{[34658]} ، «يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »{[34659]} وبالجملة فالرسم سنة متبعة .