التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّـٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (31)

قوله تعالى { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن }

قال الترمذي : حدثنا سويد ، حدثنا عبد الله ، أخبرنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن نبهان مولى أم سلمة ، أنه حدثه أن أم سلمة حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت : فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم ، فدخل عليه وذلك بعد ما أُمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجبا منه " ، فقلتُ : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه ؟ .

( السنن5/102 ح2778-ك الأدب ، ب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال ) ، قال الترمذي : حديث حسن صحيح ) ، وأخرجه أبو داود ( السنن4/63 ح4112 ) ك اللباس ، ب في قوله عز وجل { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } من حديث محمد بن العلاء ، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان12/387 ح5575 ) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن ابن المبارك به . وقال الحافظ ابن حجر : إسناده قوي ( فتح الباري9/337 )وكذا في ( تحفة الأحوذي 8/63 ) .

قوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }

أخرج الطبري بأسانيد صحيحة عن عبد الله بن مسعود أنه قال : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال : هي الثياب .

وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك2/397 ) ، وأخرجه الطبراني ( برقم9116 ) ، قال الهيثمي : رواه الطبراني بأسانيد مطولا ومختصرا ورجال أحدها رجال الصحيح ( مجمع الزوائد7/82 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال : والزينة الظاهرة : الوجه ، وكحل العين ، وخضاب الكف ، والخاتم فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها أ . ه .

هكذا تمام كلام ابن عباس رضي الله عنهما ولكن كثيرا من العلماء ينقلون عنه الشق الأول فما نسب إلى ابن عباس بأن المراد من قوله تعالى { إلا ما ظهر منها } الوجه والكفان ، ليس مطلقا وإنما هو مقيد في بيتها لمن دخل من الناس عليها . ومما يؤكد هذا تفسيره لقوله تعالى { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلاببيهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } الأحزاب آية 59 .

فقد أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة . أ . ه .

وانظر سورة الأحزاب آية ( 58 ) فقد صح مثله عن عبيدة السلماني وانظر الرواية التالية لابن عباس وفيها أن الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطاها وقلادتها وسواراها ، والخلخال والنحر والشعر فلا تبديه إلا لزوجها . ومع الأسف الشديد أن مسألة جواز كشف الوجه واليدين ينسبه العلماء لابن عباس على إطلاقه ، فليحرر .

قوله تعالى { وليضربن بخمرهن على جيوبهن }

قال البخاري : حدثنا أبو نُعيم ، حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن الحسن بن مسلم ، عن صفية بنت شيبة أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تقول : لما نزلت هذه الآية { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } أخذن أزرهن فشققنها من قِبل الحواشي فاختمرن بها .

( الصحيح8/347 ح4759-ك التفسير-سورة النور ، ب الآية ) .

قوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال }

قال مسلم : حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري عن عروة ، عن عائشة قالت : كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مُخَنّث . فكانوا يعدّونه من غير أُولي الإربة . قال فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه . وهو ينعت امرأة . قال : إذا أقبلت أقبلت بأربع . وإذا أدبرت أدبرت بثمان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا أرى هذا يعرف ما ههنا . لا يدخلنّ عليكن " . قالت : فحجبوه .

( صحيح مسلم4/1716ح2181-ك السلام ، ب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال } فهذا الرجل يتبع القوم وهو مغفل في عقله ، لا يكثرت للنساء ، ولا يشتهيهن ، فالزينة التي تبديها لهؤلاء قرطاها وقلادتها وسواراها ، وأما خلخالاها ومعضداها وشعرها ونحرها فإنها لا تبديه إلا لزوجها .

قوله تعالى { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { ولا يضربن بأرجلهن } فهو أن تقرع الخلخال بالآخر عند الرجال ويكون في رجليها خلاخل ، فتحركهن عند الرجال ، فنهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك ، لأنه من عمل الشيطان .

قوله تعالى { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }

قال ابن ماجه : حدثنا هشام بن عمار ، ثنا سفيان ، عن عبد الكريم الجزري ، عن زياد بن أبي مريم ، عن ابن معقل ، قال : دخلت مع أبي على عبد الله ، فسمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الندم توبة " فقال له أبي : أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الندم توبة " ؟ قال : نعم .

( السنن2/1420 ح4252-ك الزهد ، ب ذكر التوبة ) ، وصححه الألباني في( صحيح سنن ابن ماجة ح3429 ) ، وأخرجه أحمد ( المسند1/433 ) من طريق وكيع وعبد الرحمن ، والحاكم ( المستدرك4/243-ك التوبة ) من طريق الحميدي كلهم عن سفيان به ، وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . . . ووافقه الذهبي . وصححه السيوطي ( الجامع الصغير مع فيض القدير6/298ح9315 ) ، وله شاهد من رواية أنس رضي الله عنه أخرجه ابن حبان ( الاحسان2/6 ح612 ) ، وحسنه ابن حجر في الفتح ، وصححه السيوطي والعامري في شرح الشهاب ( انظر فتح القدير6/298 ) .

انظر حديث مسلم المتقدم عند الآية رقم ( 3 ) من سورة هود ، وهو حديث : " يا أيها الناس توبوا إلى الله . . . " .