المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

2- وإذا أعطيت ذلك فَدُمْ على الصلاة لربك خالصة له ، وانحر ذبائحك شكرا لله على ما أولاك من كرامة ، وخصَّك من خير .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

قوله عز وجل :{ فصل لربك وانحر } قال محمد بن كعب : إن أناساً كانوا يصلون لغير الله وينحرون لغير الله ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي وينحر لله عز وجل . وقال عكرمة وعطاء وقتادة : { فصل لربك } صلاة العيد ويوم النحر ، وانحر نسكك . وقال سعيد بن جبير ، ومجاهد : فصل الصلوات المفروضة بجمع ، { وانحر } البدن بمنىً . وروي عن أبي عن ابن عباس قال : { فصل لربك وانحر } قال : وضع اليمين على الشمال في الصلاة عند النحر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

والفاء فى قوله - تعالى - : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر } لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والمراد بالصلاة : المداومة عليها .

أى : ما دمنا قد أعطيناك هذه النعم الجزيلة ، فداوم على شكرك لنا ، بأن تواظب على أداء الصلاة أداء تاما ، وبأن تجعلها خالصة لربك وخالقك ، وبأن تواظب - أيضاً - على نحرك الإِبل تقرباً إلى ربك . كما قال - سبحانه - { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين . لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

وقوله : { فصل لربك } اعتراض والفاء للتفريع على هذه البشارة بأن يشكر ربه عليها ، فإن الصلاة أفعال وأقوال دالة على تعظيم الله والثناء عليه وذلك شكر لنعمته .

وناسب أن يكون الشكر بالازدياد مما عاداه عليه المشركون وغيرهم ممن قالوا مقالتهم الشنعاء : إنه أبتر ، فإن الصلاة لله شكر له وإغاظة للذين ينهونه عن الصلاة كما قال تعالى : { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } [ العلق : 9 ، 10 ] لأنهم إنما نهَوْه عن الصلاة التي هي لوجه الله دون العبادة لأصنامهم ، وكذلك النحر لله .

والعدول عن الضمير إلى الاسم الظاهر في قوله : { فصل لربك } دون : فصلِّ لنا ، لما في لفظ الرب من الإِيماء إلى استحقاقه العبادة لأجل ربوبيته فضلاً عن فرط إنعامه .

وإضافة ( رب ) إلى ضمير المخاطب لقصد تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وتقريبه ، وفيه تعريض بأنه يربُّه ويرأف به .

ويتعين أن في تفريع الأمر بالنحر مع الأمر بالصلاة على أن أعطاه الكوثر خصوصية تناسب الغرض الذي نزلت السورة له ، ألا ترى أنه لم يذكر الأمر بالنحر مع الصلاة في قوله تعالى : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } في سورة الحجر ( 97 ، 98 ) .

ويظهر أن هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صدّ المشركين إيّاه عن البيت في الحديبية ، فأعلمه الله تعالى بأنه أعطاه خيراً كثيراً ، أي قدره له في المستقبل وعُبر عنه بالماضي لتحقيق وقوعه ، فيكون معنى الآية كمعنى قوله تعالى : { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } [ الفتح : 1 ] فإنه نزل في أمر الحديبية فقد قال له عمر بن الخطاب : أفتح هذا ؟ قال : نعم .

وهذا يرجع إلى ما رواه الطبري عن قول سعيد بن جبير : أن قوله : { فصل لربك وانحر } أمر بأن يصلي وينحر هديه وينصرفَ من الحديبية .

وأفادت اللام من قوله : { لربك } أنه يخُص الله بصلاته فلا يصلي لغيره . ففيه تعريض بالمشركين بأنهم يصلون للأصنام بالسجود لها والطواف حولها .

وعطف { وانحر } على { فصل لربك } يقتضي تقدير متعلِّقه مماثلاً لمتعلِّق { فصل لربك } لدلالة ما قبله عليه كما في قوله تعالى : { أسمع بهم وأبصر } [ مريم : 38 ] أي وأبصر بهم ، فالتقدير : وانحر له . وهو إيماء إلى إبطال نحر المشركين قرباناً للأصنام فإن كانت السورة مكية فلعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اقترب وقت الحج وكان يحج كل عام قبلَ البعثة وبعدها قد تردد في نحر هداياه في الحج بعد بعثته ، وهو يود أن يُطعم المحاويج من أهل مكة ومن يحضر في الموسم ويتحرجُ من أن يشارك أهل الشرك في أعمالهم فأمره الله أن ينحر الهدي لله ويطعمها المسلمين ، أي لا يمنعك نحرهم للأصنام أن تنحر أنت ناوياً بما تنحره أنه لله .

وإن كانت السورة مدنية ، وكان نزولها قبل فرض الحج كان النحر مراداً به الضحايا يومَ عيد النحر ولذلك قال كثير من الفقهاء إن قوله : { فصل لربك } مراد به صلاة العيد ، ورُوي ذلك عن مالكٍ في تفسير الآية وقال : لم يبلغني فيه شيء .

وأخذوا من وقوع الأمر بالنحر بعد الأمر بالصلاة دلالةً على أن الضحية تكون بعد الصلاة ، وعليه فالأمر بالنحر دون الذبح مع أن الضّأن أفضل في الضحايا وهي لا تنحر وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضحّ إلا بالضأن تغليب للفظ النحر وهو الذي روعي في تسمية يوم الأضحى يومَ النحر وليشمل الضحايا في البدن والهدايا في الحج أو ليشمل الهدايا التي عُطل إرسالها في يوم الحديبية كما علمت آنفاً . ويرشح إيثارَ النحر رَعْيُ فاصلة الراء في السورة . وللمفسرين الأولين أقوال أخر في تفسير « انحر » تجعله لفظاً غريباً .