السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

ولما كمل له سبحانه من النعم ما لا يأتي عليه حصر مما لا يناسب أدناه نعيم الدنيا بجملتها سبب عنه قوله تعالى آمراً بما هو جامع لمجامع الشكر : { فصلِّ } أي : بقطع العلائق عن الخلائق بالوقوف بين يدي الله تعالى في حضرة المراقبة شكراً لإحسان المنعم ، خلافاً للساهي عنها والمرائي فيها . { لربك } أي : المحسن إليك بأنواع النعم مراغماً من شئت ، فلا سبيل لأحد عليك { وانحر } أي : أنفق له الكوثر من المال على المحاويج خلافاً لمن يدعهم ويمنعهم الماعون ، والنحر أفضل نفقات العرب ؛ لأنّ الجزور الواحد يغني مائة مسكين ، وإذا أطلق العرب المال انصرف إلى الإبل .

وقال محمد بن كعب : إن ناساً كانوا يصلون لغير الله تعالى ، وينحرون لغير الله ، فأمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يصلي وينحر لله عز وجل . وقال عكرمة وعطاء وقتادة : { فصل لربك } صلاة العيد يوم النحر ، وانحر نسكك ، واقتصر على هذا الجلال المحلي ، وقال سعيد بن جبير ومجاهد : فصل الصلاة المفروضة بجمع ، أي : مزدلفة ، وانحر البدن بمنى . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : وضع اليمين على الشمال في الصلاة عند النحر . وعن علي أنّ معناه أن يرفع يديه في التكبير إلى نحره . وقال الكلبيّ : استقبل القبلة بنحرك . وعن عطاء : أمره أن يستوي بين السجدتين جالساً حتى يبدو نحره .