المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

وقوله تعالى : { فصلّ لربك وانحر } أمر بالصلاة على العموم ، ففيه المكتوبات بشروطها والنوافل على ندبها ، والنحر : نحر البدن والنسك في الضحايا في قول جمهور الناس ، فكأنه قال : ليكن شغلك هذين ، ولم يكن في ذلك الوقت جهاد ، وقال أنس بن مالك : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة ، فأمر أن يصلي وينحر ، وقال قتادة والقرطبي وغيره : في الآية طعن على كفار مكة ، أي إنهم يصلون لغير الله مكاء{[12007]} وتصدية ، وينحرون للأصنام ونحوه ، فافعل أنت هذين لربك تكن على صراط مستقيم . وقال ابن جبير : نزلت هذه الآية يوم الحديبية وقت صلح قريش . قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم : صل وانحر الهدي ، وعلى هذا تكون الآية من المدني . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : معنى الآية : صل لربك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة ، فالنحر على هذين ليس بمصدر نحر ؛ بل هو الصدر . وقال آخرون المعنى : ارفع يدك في استفتاح صلاتك عند نحرك .


[12007]:المكاء: الصفير بالفم، أو بعد وضع أصابع اليد فيه. والتصدية: التصفيق باليدين.