قوله { فصل لربك وانحر } في الصلاة أقوال : فعن مجاهد وعكرمة معناه : اشكر لربك ، وفائدة الفاء أن شكر النعمة يجب على الفور لا على التراخي ، وقيل : هي الدعاء ، كأنه قال : قبل سؤالك ودعائك ما بخلنا عليك بالكوثر ، فكيف بعد سؤالك ، فسل تعط ، واشفع تشفع ، وذلك أنه أبداً كان في هم أمته . والأقرب -وعليه الأكثرون- أنها الصلاة ذات الهيئات والأركان ؛ لأنها مشتملة على الدعاء والشكر وعلى سائر المعاني المنبئة عن التواضع والخدمة ، ولأن حمله على الشكر يوهم أنه ما كان شاكراً قبل ذلك ، لكنه كان من أول أمره مطيعاً لربه شاكراً لنعمه . أما الصلاة فإنه إنما عرفاه بالوحي ، يروى أنه حين أمر بالصلاة قال : كيف أصلي ولست على وضوء ؟ فقال الله : { إنا أعطيناك الكوثر } وضرب جبرائيل بجناحه على الأرض فنبع ماء الكوثر فتوضأ ، فقيل له عند ذلك { فصل } وإن حمل الكوثر على الرسالة فكأنه قال : أعطيتك الرسالة لتأمر نفسك وسائر الخلق بالطاعات { فصل } ، وفي قوله { لربك } إشارة إلى وجوب الأضحى مخالفة عبدة الأوثان . وإنما لم يقل لنا سلوكاً لطريقة الالتفات وإفادة لنوع من التعظيم ، كقول الخلفاء " يرسم أمير المؤمنين كذا " ، ولأن الجمعية في هذا المقام توهم الاشتراك والعدول إلى الوحدة لو قال " لي " انقطع النظم ، ولأنه يفيد أن سبب العبادة هو التربية ، ثم الذين فسروا الصلاة بما عرف في الشرع اختلفوا ؛ فالأكثرون على أنها جنس الصلاة لإطلاق اللفظ ، وإنما لم يذكر الكيفية ؛ لأنها كانت معلومة قبل ذلك . وقال الآخرون : إنها صلاة عيد الأضحى لاقترانها بقوله { وانحر } ، وكانوا يقدمون الأضحية على الصلاة فأمروا بتأخيرها عنها . والواو تفيد الترتيب استحساناً وأدباً ، وإن لم تفده قطعاً . وقال سعيد بن جيبر : صل الفجر بالمزدلفة ، وانحر بمنى ، والمناسبة بين نحر البدن وبين جنس الصلاة أن المشركين كانت صلاتهم وقراً بينهم للأصنام ، فأمر صلى الله عليه وسلم بأن تكون صلاته وقربانه لله تعالى ، وكان النحر واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث كتبن عليّ ، ولم تكتب على أمتي . الضحى والأضحى والوتر " ، وإنما لم يقل ضح وإن كان أشمل ؛ لأن أعز الأموال عند العرب هو الإبل ، فأمر بنحرها وصرفها إلى طاعة الله ، ففي ذلك قطع العلائق الجسمانية ، ورفع العوائق النفسانية . يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من ذهب ، فنحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعيا صلى الله عليه وسلم ، ثم أمر علياً بذلك ، وكانت النوق يزدحمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أخذ علي عليه السلام السكين تباعدت منه عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.