{ فصل لربك } وكان الظاهر أن يقول لنا ، فانتقل إلى الاسم المظهر على طريق الالتفات ؛ لأنه يوجب عظمة ومهابة ، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والمراد الأمر له صلى الله عليه وآله وسلم بالدوام على إقامة الصلوات المفروضة . قال ابن عباس : الصلاة المكتوبة ، وقيل : صلاة عيد النحر ، وهذا يناسب كونها مدنية ، والأول يناسب كونها مكية .
{ وانحر } البدن التي هي خيار أموال العرب ، قال محمد بن كعب : إن ناسا كانوا يصلون لغير الله ، وينحرون لغير الله ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون صلاته ونحره له . وقال قتادة وعطاء وعكرمة : المراد صلاة العيد ونحر الأضحية ، وقال سعيد بن جبير : صل لربك صلاة الصبح المفروضة بجمع ، وانحر البدن في منى .
وقيل : النحر وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة حذاء النحر ، قاله محمد بن كعب ، وقيل : هو أن يرفع يديه في الصلاة عند التكبيرة إلى حذاء نحره ، وقيل : هو أن يستقبل القبلة بنحره ، قاله الفراء والكلبي وأبو الأحوص . قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : نتناحر أي نتقابل نحر ، هذا إلى نحر هذا أي قبالته .
وقال ابن الأعرابي : هو انتصاب الرجل في الصلاة بإزاء المحراب ، من قولهم : منازلهم تتناحر أي تتقابل ، وروي عن عطاء أنه قال : أمره أن يستوي بين السجدتين جالسا حتى يبدو نحره ، وقال سليمان التيمي : المعنى وارفع يديك بالدعاء إلى نحرك .
وظاهر الآية الأمر له صلى الله عليه وآله وسلم بمطلق الصلاة ومطلق النحر ، وأن يجعلهما لله عز وجل لا لغيره ، وما ورد في السنة من بيان هذا المطلق بنوع خاص فهو في حكم المقيد له .
عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لجبريل : " ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي ، فقال : إنها ليست بنحيرة ، ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت ، وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السموات السبع ، وإن لكل شيء زينة ، وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة . قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " رفع اليدين من الاستكانة التي قال الله { فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } " أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه ، وهو من طريق مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن علي .
وعن ابن عباس في الآية قال : إن الله أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن ارفع يديك حذاء نحرك إذا كبرت للصلاة ، فذاك النحر . وعن علي في الآية قال : " وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى ، ثم وضعها على صدره في الصلاة " . وعن أنس : " عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله " ، أخرجه أبو الشيخ والبيهقي في سننه .
وعن ابن عباس أيضا : إذا صليت فرفعت رأسك من الركوع فاستو قائما ، وعنه قال : هو الذبح يوم الأضحى ، يقول : اذبح يوم النحر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.