فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

{ فَصَلّ لِرَبّكَ } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والمراد الأمر له صلى الله عليه وسلم بالدوام على إقامة الصلوات المفروضة . { وانحر } البدن التي هي خيار أموال العرب . قال محمد بن كعب : إن ناساً كانوا يصلون لغير الله ، وينحرون لغير الله ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن تكون صلاته ونحره له . وقال قتادة ، وعطاء ، وعكرمة : المراد صلاة العيد ، ونحر الأضحية . وقال سعيد بن جبير : صلّ لربك صلاة الصبح المفروضة بجمع . وانحر البدن في منى . وقيل : النحر وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة حذاء النحر قاله محمد بن كعب . وقيل : هو أن يرفع يديه في الصلاة عند التكبيرة إلى حذاء نحره . وقيل : هو أن يستقبل القبلة بنحره قاله الفراء ، والكلبي ، وأبو الأحوص . قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول نتناحر : أي نتقابل : نحر هذا ، إلى نحر هذا : أي قبالته ، ومنه قول الشاعر :

أبا حكم ما أنت عمّ مجالد *** وسيد أهل الأبطح المتناحر

أي : المتقابل . وقال ابن الأعرابي : هو : انتصاب الرجل في الصلاة بإزاء المحراب . من قولهم : منازلهم تتناحر تتقابل . وروي عن عطاء أنه قال : أمره أن يستوي بين السجدتين جالساً حتى يبدو نحره . وقال سليمان التيمي : المعنى : وارفع يديك بالدعاء إلى نحرك ، وظاهر الآية الأمر له صلى الله عليه وسلم بمطلق الصلاة ، ومطلق النحر ، وأن يجعلهما لله عزّ وجلّ لا لغيره ، وما ورد في السنة من بيان هذا المطلق بنوع خاص ، فهو في حكم التقييد له ، وسيأتي إن شاء الله .

/خ3