جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

{ فصل لربك } : دم عليها مخلصا شكرا لما أعطيناك { وانحر{[5468]} } أي : البدن ونحوه على اسمه وحده ، بخلاف ما عليه المشركون من السجود لغير الله ، والذبح على غير اسمه .


[5468]:معناه: إن ناسا كانوا يصلون لغير الله تعالى، وينحرون لغير الله، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي له، وينحر له، متقربا إلى ربه بذلك، قاله الخازن، وفي حديث مسلم " لعن الله من ذبح لغير الله"، وأخرج أحمد عن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب، قالوا: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب إليه شيئا، فقالوا لأحدهم: قرب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا لآخر: قرب، فقال: ما كنت أقرب لأحد غير الله عز وجل ضربوا عنقه فدخل الجنة" [أخرجه أحمد في " الزهد"، وأبو نعيم في " الحلية" (1/203)، قال الإمام الشوكاني بعد ذكر الحديثين: فانظر لعنه صلى الله عليه وسلم لمن ذبح لغير الله، وإخباره بدخول من قرب لغير الله النار، وليس في ذلك إلا مجرد كون ذلك مظنة للتعظيم، الذي لا ينبغي إلا الله، فما ظنك بما كان شركا بحتا؟ قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم في الكلام على قوله:{وما أهل به لغير الله}(البقرة:173) إن الظاهر أن ما ذبح لغير الله سواء لفظ به أو لم يلفظ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه، وقال فيه: باسم المسيح ونحوه، كما أن ما ذبحناه متقربين إلى الله، كان أزكى مما ذبحناه للحم، وقلنا عليه باسم الله، فإن عبادة الله بالصلاة والنسك له، أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور، والعبادة لغير الله أعظم من الاستعانة بغير الله، فلو ذبح لغير الله متقربا إليه يحرم، وإن قال فيه، بسم الله، كما قد فعله طائفة من منافقي هذه الأمة، وإن كان هؤلاء مرتدين، لا تباح ذبيحتهم بحال لكن تجتمع في الذبيحة مانعان، ومن هذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح، انتهى/12.