قوله تعالى{ بل عجبت ويسخرون } اختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء الكوفة{ بل عجبت ويسخرون }بضم التاء من عجبت ، بمعنى : بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكا . وقرأ ذلك عامة قراء البصرة وبعض قراء الكوفة { بل عجبت } بفتح التاء بمعنى : بل عجبت أنت يا محمد ، ويسخرون من هذا القرآن . إذن فهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار ، فبأيهما قرأ القارئ فهو مصيب . وقال قتادة في هذه الآية{ بل عجبت ويسخرون }عجب محمد عليه الصلاة والسلام من هذا القرآن حين أعطيه وسخر منه أهل الضلالة .
ثم بين - سبحانه - أن حال هؤلاء المشركين تدعو إلى العجب فقال : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } .
قال الجمل : وقوله { بَلْ عَجِبْتَ } إضراب إما عن مقدر دل عليه قوله : { فاستفتهم } أى : هم لا يقرون بل عجبت ، وإما عن الأمر بالاستفتاء ، أى : لا تستفتهم فإنهم معاندون ، بل انظر إلى تفاوت حالك وحالهم .
أى : بل عجبت - أيها الرسول الكريم - ومن حقك أن تعجب ، من إنكار هؤلاء الجاحدين لإِمكانية البعث ، مع هذه الأدلة الساطعة التى سقناها لهم على أن البعث حق .
وجملة { وَيَسْخَرُونَ } حالية . أى : والحال أنهم يسخرون من تعجبك ومن إنكارك عليهم ذلك ، ومن إيمانك العميق بهذه الحقيقة ، حتى إنك لترددها على مسامعهم صباح مساء .
قال الآلوسى : وقرأ حمزة والكسائى : { بل عجبتُ } - بضم التاء - . . وأولت هذه القراءة بأن ذلك من باب الفرض ، أى : لو كان العجب مما يجوز علىَّ لعجبت من هذه الحال .
ثم قال : والذى يقتضيه كلام السلف أن العجب فينا انفعال يحصل للنفس عند الجهل للسبب ، ولذا قيل : إذا ظهر السبب بطل العجب ، وهو فى الله - تعالى - بمعنى يليق لذاته - تعالى - وهو - سبحانه - أعلم به ، فلا يعينون معناه .
وقوله : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } أي : بل عجبت - يا محمد - من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث ، وأنت موقن مصدق بما أخبر الله به من الأمر العجيب ، وهو إعادة الأجسام بعد فنائها . وهم بخلاف أمرك ، من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك .
قال قتادة : عجب محمد صلى الله عليه وسلم ، وسَخِر ضُلال بني آدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.