بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ} (12)

ثم قال : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } قرأ حمزة والكسائي : { عَجِبْتُ } بضم التاء . وقرأ الباقون : بالنصب . فمن قرأ بالنصب ، فالمعنى بل عجبت يا محمد من نزول الوحي عليك ، والكافرون يسخرون ، مكذبين لك . ومن قرأ { بَلْ عَجِبْتَ } بالضم ، فهو إخبار عن الله تعالى . وقد أنكر قوم هذه القراءة ، وقالوا : إن الله تعالى لا يعجب من شيء ، لأنه علم الأشياء قبل كونها ، وإنما يتعجب من سمع أو رأى شيئاً لم يسمعه ، ولم يره ، ولكن الجواب أن يقال : العجب من الله عز وجل بخلاف العجب من الآدميين . ويكون على وجه التعجب ، ويكون على وجه الإنكار والاستعظام لذلك القول . كما قال في آية أخرى { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أئذا كُنَّا تُرَابًا أَءِنَّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ أولئك الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون } [ الرعد : 5 ] وروى الأعمش عن سفيان بن سلمة أن شريحاً كان يقرأ { بَلْ عَجِبْتَ } بالنصب . ويقول : إنما يعجب من لا يعلم . وقال الأعمش : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فقال إبراهيم النخعي : إن شريحاً كان معجباً برأيه ، وعبد الله بن مسعود كان أعلم منه ، وكان يقرؤها { بَلْ عَجِبْتُ } بالضم . وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ هكذا بالضم ، وهو اختيار أبي عبيدة .

ثم قال : { وَيَسْخُرُونَ } يعني : يسخرون حين سمعوا .