الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ} (12)

«بل عجبت » من قدرة الله على هذه الخلائق العظيمة ( و ) هم { يسخرون } منك ومن تعجبك وما تريهم من آثار قدرة الله ، أو من إنكارهم البعث وهم يسخرون من أمر البعث وقرىء : بضم التاء ، أي : بلغ من عظم آياتي وكثرة خلائقي أني عجبت منها ، فكيف بعبادي وهؤلاء بجهلهم وعنادهم يسخرون من آياتي أو عجبت من أن ينكروا البعث ممن هذه أفعاله ، وهم يسخرون ممن يصف الله بالقدرة عليه .

فإن قلت : كيف يجوز العجب على الله تعالى ، وإنما هو روعة تعتري الإنسان عند استعظامه الشيء ، والله تعالى لا يجوز عليه الروعة ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يجرد العجب لمعنى الاستعظام ، والثاني : أن يتخيل العجب ويفرض . وقد جاء في الحديث : " عجب ربكم من ألكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم " وكان شريح يقرأ بالفتح ويقول : إنّ الله لا يعجب من شيء ، وإنما يعجب من لا يعلم ، فقال إبراهيم النخعي : إنّ شريحاً كان يعجبه علمه وعبد الله أعلم ، يريد عبد الله بن مسعود ، وكان يقرأ بالضم . وقيل : معناه : قل يا محمد بل عجبت .