السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ} (12)

وقرأ حمزة والكسائي : { بل عجبت } بضم التاء والباقون بفتحها ، أما بالضم فبإسناد التعجب إلى الله تعالى وليس هو كالتعجب من الآدميين كما قال تعالى { فيسخرون منهم سخر الله منهم } ( التوبة : 79 ) وقال تعالى { نسوا الله فنسيهم } ( التوبة : 67 )

فالعجب من الآدميين إنكاره وتعظيمه ، والعجب من الله تعالى قد يكون بمعنى الإنكار والذم وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضا كما في الحديث : «عجب ربكم من شاب ليست له صبوة » وفي حديث آخر : «عجب ربكم من إلكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم » قوله إلكم الإلّ أشد القنوط .

وقيل : هو رفع الصوت بالبكا ، وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال : إن الله تعالى لا يعجب من شيء ولكن وافق رسوله صلى الله عليه وسلم فلما عجب رسوله قال تعالى { وإن تعجب فعجب قولهم } ( الرعد : 5 ) أي : هو كما تقوله ، وأما الفتح فعلى أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي : عجبت من تكذيبهم إياك .

{ ويسخرون } أي : وهم يسخرون من تعجبك قال قتادة : عجب نبي الله صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن حين أنزل ومن ضلال بني آدم ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يظن أن كل من سمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن سخروا منه ولم يؤمنوا به عجب من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى { بل عجبت ويسخرون } .