معاني القرآن للفراء - الفراء  
{بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ} (12)

وقوله : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ12 }

قرأها الناس بنصب التاء ورَفْعها والرفع أحبّ إلىَّ لأنها قراءة علي وابن مسعودٍ وعبد الله بن عبّاسٍ . حدّثنا أبو العباس قال حَدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : حدَّثني مِنْدَل بن علي العَنَزيّ عن الأعمش قال : قال شقيق : قرأت عند شُرَيْحٍ ( بَلْ عجبتُ ويَسْخَرُوَن ) فقال : إن الله لا يَعْجب منْ شيء ، إنها يَعجب مَن لا يعلم . قال : فذكرت ذلكَ لإبراهيم النَخَعيّ فقال : إن شُريحا شاعر يعجُبهُ عِلمه ، وعبد الله أعلم بذلكَ منه . قرأَها ( بل عجبتُ ويَسْخَرُونَ ) .

قال أبو زكريّا : والعجب 158 ب وإن أُسند إلى الله فليسَ مَعْناه من الله كمعناه مِنَ العباد ، ألا ترى أَنه قال { فيَسْخَرُونَ منهمْ سَخِر اللهُ مِنْهُمْ } وليسَ السُخْرِيّ من الله كمعناه { منَ العبَاد } وكذلك قوله { اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } { ليسَ ذلك مِنَ الله كمعناه من العباد } ففي ذَابيان ( لكسر قول ) شُرَيح ، وإن كان جَائزاً لأنّ المفسرينَ قالوا : بل عجبتَ يا محمد ويَسخرونَ هم . فهذا وجهُ النصب .