المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

84- فأجبناه إلي ما كان يرجوه ، فرفعنا عنه الضُّر ، وأعطيناه أولاداً بقدر مَنْ مات من أولاده ، وزدناه مثلهم رحمة به من فضلنا ، وتذكيراً لغيره ممن يعبدوننا ليصبروا كما صبر ، ويطمعوا في رحمة الله كما طمع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

{ فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر } بالشفاء من مرضه . { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } بأن ولد له ضعف ما كان أو أحيي ولده وولد له منهم نوافل . { رحمة من عندنا وذكرى للعابدين } رحمة على أيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر فيثابوا كما أثيب أو لرحمتنا للعابدين فإنا نذكرهم بالإحسان ولا ننساهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

ثم عرفه تعالى بأنه قد أذن في صلاح حاله وعاد عليه بفضله ، فدعا أيوب عن ذلك فاستجيب له ، ويروى أن أيوب لم يزل صابراً لا يدعو في كشف ما به ، وكان فيما روي تقع منه الدود فيردها بيده ، حتى مر به قوم كانوا يعادونه فشمتوا به ، فتألم لذلك ودعا حينئذ فاستجيب له ، وكانت امرأته غائبة عنه في بعض شأنها فأنبع الله تعالى له عيناً وأمر بالشرب منها فبرئ باطنه ، وأمر بالاغتسال فبرئ ظاهره ، ورد إلى أفضل جماله ، وأتي بأحسن الثياب ، وهب عليه رجل{[8255]} من جراد من ذهب فجعل يحثي منها في ثوبه فناداه الله تعالى يا أيوب ألم أغنيتك عن هذا ، قال بلى يا رب ولكن لا غنى بي عن بركتك ، فبينما هو كذلك إذ جاءت امرأته فلم تره على السباطة فجزعت وظنت أنه أزيل عنها ، وجعلت تتوله{[8256]} فقال لها ما شأنك أيتها المرأة فهابته لحسن هيئته ، وقالت إني فقدت مريضاً كان لي في هذا الموضع ومعالم المكان قد تغيرت ، وتأملته في أثناء المقاولة ، فرأت أيوب ، فقالت له أنت أيوب ، فقال لها نعم واعتنقها وبكى فروي أنه لم يفارقها حتى أراه الله تعالى جميع ماله حاضراً بين يديه ، واختلف الناس في أهله وولده بأعيانهم وجعل مثلهم له عدة في الآخرة ، وقيل بل أتى جميع ذلك في الدنيا من أهل ومال وقوله تعالى : { وذكرى للعابدين } أي وتذكرة وموعظة للمؤمنين ، ولا يعبد الله تعالى إلا مؤمن والذكرى إنما هي في محنته والرحمة في زوال ذلك ، وقوله { أني مسني الضر } تقديره «بأني مسني » فحذف الجار وبقيت { أني } في موضع نصب ، وروي أن سبب محنة أيوب أنه دخل مع قوم على ملك جار عليهم فأغلظ له القوم ، ولين له أيوب القول خوفاً منه على ماله ، فعاقبه الله تعالى على ذلك ، وروي أنه كان يقال له ما لك لا تدعو في العافية فكان يقول إني لأستحيي من الله تعالى أن أسأله زوال عذابه حتى يمر علي فيه ما مر من الرخاء ، وأصابه البلاء فيما روي وهو ابن ثمانين سنة .


[8255]:الرجل: الطائفة العظيمة من الجراد.
[8256]:وله وتوله: حزن حزنا شديدا.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

لكون ثناء أيوب تعريضاً بالدعاء فرع عليه قوله تعالى : { فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر } . والسين والتاء للمبالغة في الإجابة ، أي استجبنا دعوته العُرْضية بإثر كلامه وكشفنا ما به من ضرّ ، إشارة إلى سرعة كشف الضرّ عنه ، والتعقيب في كل شيء بحَسَبه ، وهو ما تقتضيه العادة في البُرء وحصوللِ الرزق وولادة الأولاد .

والكشف : مستعمل في الإزالة السريعة . شبهت إزالة الأمراض والأضرار المتمكنة التي يعتاد أنها لا تزول إلا بطول بإزالة الغطاء عن الشيء في السرعة .

والموصول في قوله تعالى : { ما به من ضر } مقصود منه الإبهام . ثم تفسيره ب ( مِن ) البيانية لقصد تهويل ذلك الضرّ لكثرة أنواعه بحيث يطول عدّها . ومثله قوله تعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله } [ النحل : 53 ] إشارة إلى تكثيرها . ألا ترى إلى مقابلته ضدها بقوله تعالى : { ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون } [ النحل : 53 ] ، لإفادة أنهم يهرعون إلى الله في أقل ضرّ وينسون شكره على عظيم النعم ، أي كشفنا ما حلّ به من ضرّ في جسده وماله فأعيدت صحته وثروته .

والإيتاء : الإعطاء ، أي أعطيناه أهله ، وأهل الرجل أهل بيته وقرابته . وفهم من تعريف الأهل بالإضافة أن الإيتاء إرجاع ما سلب منه من أهل ، يعني بموت أولاده وبناته ، وهو على تقدير مضاف بيّن من السياق ، أي مثل أهله بأن رُزق أولاداً بعدد ما فَقَد ، وزاده مثلهم فيكون قد رزق أربعة عشر ابناً وست بنات من زوجه التي كانت بلغت سنّ العقم .

وانتصب { رحمةً } على المفعول لأجله . ووصفت الرحمة بأنها من عند الله تنويهاً بشأنها بذكر العندية الدالة على القرب المراد به التفضيل . والمراد رحمة بأيوب إذ قال { وأنت أرحم الراحمين } .

والذكرى : التذكير بما هو مظنة أن ينسى أو يغفل عنه . وهو معطوف { على رحمة } فهو مفعول لأجله ، أي وتنبيهاً للعابدين بأن الله لا يترك عنايته بهم .

وبما في { العابدين } من العموم صارت الجملة تذييلاً .