الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : قيل له : يا أيوب ، إن أهلك لك في الجنة ، فإن شئت آتيناك بهم ، وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوّضناك مثلهم . قال : لا ، بل اتركهم لي في الجنة ، فتركوا له في الجنة وعوّض مثلهم في الدنيا .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن نوف البكالي في قوله : { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : إني أدخرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا .

فحدث بذلك مطرف فقال : ما عرفت وجهها قبل اليوم .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني ، عن الضحاك قال : بلغ ابن مسعود أن مروان قال في هذه الآية : { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : أوتي بأهل غير أهله ، فقال ابن مسعود : بل أوتي بأعيانهم ومثلهم معهم .

وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله : { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : لم يكونوا ماتوا ولكنهم غيبوا عنه ، فأتاه أهله { ومثلهم معهم } في الآخرة .

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : أحياهم بأعيانهم وزاد إليهم مثلهم .

وأخرج ابن جرير عن الحسن وقتادة في قوله : { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : أحيا الله له أهله بأعيانهم وزاده الله مثلهم .

وأخرج ابن جرير عن الحسن { ومثلهم معهم } قال : من نسلهم .

وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال : ما كان بقي من أيوب عليه السلام إلا عيناه وقلبه ولسانه ، فكانت الدواب تختلف في جسده ؛ ومكث في الكناسة سبع سنين وأياماً .

وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لقد مكث أيوب مطروحاً على كناسة سبع سنين وأشهراً ما يسأل الله أن يكشف ما به وما على وجه الأرض ، خلق أكرم من أيوب ، فيزعمون أن بعض الناس قال : لو كان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا . فعند ذلك دعا .

وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه قال : لم يكن بأيوب الأكلة ، إنما يخرج منه مثل ثدي النساء ثم يتفقأ .

وأخرج ابن جرير عن ليث قال : أرسل مجاهد رجلاً يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن قول الله لأيوب { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } فقال : قيل له : إن أهلك لك في الآخرة ، فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا ؛ وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا .

فقال : يكونون في الآخرة وأوتي مثلهم في الدنيا . فرجع إلى مجاهد فقال : أصاب .

وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله : { رحمة من عندنا وذكرى للعابدين } وقوله : { رحمة منا وذكرى لأولي الألباب } [ ص : 43 ] قال : إنما هو من أصابه بلاء فذكر ما أصاب أيوب فليقل : إنه قد أصاب من هو خير مني نبي من الأنبياء .

وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بقي أيوب على كناسةٍ لبني إسرائيل سبع سنين وأشهراً تختلف فيه الدواب .

وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : إن أيوب آتاه الله تعالى مالاً وولداً وأوسع عليه ، فله من الشياه والبقر والغنم والإبل . وإن عدو الله إبليس قيل له : «هل تقدر أن تفتن أيوب ؟ قال : رب ، إن أيوب أصبح في دنيا من مال وولد فلا يستطيع إلا شكرك ، فسلطني على ماله وولده فسترى كيف يطيعني ويعصيك . فسلط على ماله وولده فكان يأتي الماشية من ماله من الغنم فيحرقها بالنيران ، ثم يأتي أيوب وهو يصلي متشبهاً براعي الغنم فيقول : يا أيوب ، تصلي لرب ؟ ما ترك الله لك من ماشيتك شيئاً من الغنم إلا أحرقها بالنيران . وكنت ناحية فجئت لأخبرك . فيقول أيوب : اللهم أنت أعطيت وأنت أخذت ، مهما يبق شيء أحمدك على حسن بلائك . فلا يقدر منه على شيء مما يريد ، ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها بالنيران . ثم يأتي أيوب فيقول له ذلك ، ويرد عليه أيوب مثل ذلك . وكذلك فعل بالإبل حتى ما ترك له ماشية حتى هدم البيت على ولده ، فقال : يا أيوب ، أرسل الله على ولدك من هدم عليهم البيوت حتى يهلكوا ! فيقول أيوب مثل ذلك . وقال : رب هذا حين أحسنت إلي الإحسان كله قد كنت قبل اليوم يشغلني حب المال بالنهار ويشغلني حب الولد بالليل شفقة عليهم ، فالآن أفرغ سمعي لك وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد والتقديس والتهليل . فينصرف عدو الله من عنده ولم يصب منه شيئاً مما يريد . ثم إن الله تعالى قال : كيف رأيت أيوب ؟ قال إبليس : إن أيوب قد علم أنك سترد عليه ماله وولده ، ولكن سلطني على جسده فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك . فسلط على جسده ، فأتاه فنفخ فيه نفخة أقرح من لدن قرنه إلى قدمه ، فأصابه البلاء بعد البلاء حتى حمل فوضع على مزبلة كناسة لبني إسرائيل ، فلم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت عليه ، تصدق عليه وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا حمده ، وأيوب على ذلك لا يفر من ذكر الله والتحميد والثناء على الله والصبر على ما ابتلاه الله ، فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرضين جزعاً من صبر أيوب ، فاجتمعوا إليه وقالوا له : اجتمعنا إليك ، ما أحزنك ؟ ! ما أعياك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده ، فلم أدع له مالاً ولا ولداً فلم يزدد بذلك إلا صبراً وثناء على الله تعالى وتحميداً له ، ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا تقربه إلا امرأته ، فقد افتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه .

فقالوا له : أين مكرك ؟ أين علمك الذي أهلكت به من مضى ؟ قال : بطل ذلك كله في أيوب ، فأشيروا علي . قالوا : نشير عليك ، أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة ؟ من أين أتيته ؟ قال : من قبل امرأته . قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته ، فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها . قال : أصبتم . فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق ، فتمثل لها في صورة رجل فقال : أين بعلك يا أمة الله ؟ قالت : ها هو ذاك يحك قروحه ويتردد الدود في جسده . فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع ، فوضع في صدرها فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من النعم والمال والدواب ، وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر ، وإن ذلك لا ينقطع عنهم أبداً فصرخت ، فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاها بسخلة فقال : ليذبح هذا إلى أيوب ويبرأ . فجاءت تصرخ : يا أيوب ، يا أيوب . . . . حتى متى يعذبك ربك ؟ ألا يرحمك ؟ أين المال ؟ أين الشباب ؟ أين الولد ؟ أين الصديق ؟ أين لونك الحسن الذي بلي وتلدد فيه الدواب . . ؟ اذبح هذه السخلة واسترح . قال : أيوب : أتاكِ عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقاً فأجبِتِه ، ويلكِ أرأيتِ ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من المال والولد والصحة والشباب من أعطانيه ؟ قالت : الله . . قال : فكم متعنا ؟ قالت : ثمانين سنة . قال : فمذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به ؟ قالت : سبع سنين وأشهراً . قال : ويلكِ . . . والله ما عدلت ولا أنصفت ربك ، إلا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة ! والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة حيت أمرتني أن أذبح لغير الله . طعامك وشرابك الذي أتيتني به عليّ حرام أن أذوق شيئاً مما تأتي به بعد إذ قلتِ لي هذا ، فاعزبي عني فلا أراكِ . فطردت فذهبت ، فقال الشيطان : هذا قد وطّن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه ، فباء بالغلبة ورفضه . ونظر إلى أيوب قد طرد امرأته وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق ، ومرّ به رجلان وهو على تلك الحال ولا والله ، ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله من أيوب فقال أحد الرجلين لصاحبه : لو كان الله في هذا حاجة ما بلغ به هذا .

فلم يسمع أيوب شيئاً كان أشد عليه من هذه الكلمة فقال : رب ، { مسني الضر } ثم رد ذلك إلى الله فقال : { وأنت أرحم الراحمين } فقيل له : { اركض برجلك هذا مغتسل بارد } [ ص : 42 ] فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها فلم يبق من دائه شيء ظاهر إلا سقط ، فأذهب الله عنه كل ألم وكل سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان ، ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى ، فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج . فقام صحيحاً وكسي حلة فجعل يلتفت فلا يرى شيئاً مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله له ، حتى ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل به تطاير على صدره جراد من ذهب ، فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه : «يا أيوب ، ألم أغنك عن هذا ؟ قال : بلى ، ولكنها بركتك فمن يشبع منها » ؟ فخرج حتى جلس على مكان مشرف ، ثم إن امرأته قالت : أرأيت إن كان طردني ، إلى من أكله ؟ أدعه يموت جوعاً أو يضيع فتأكله السباع ؟ لأرجعن إليه . فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت ، وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث الكناسة وتبكي ، وذلك بعين أيوب ، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأل عنه . فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال : ما تريدين يا أمة الله ؟ فبكت وقالت : أريد ذلك المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة ، لا أدري أضاع أم ما فعل ! قال لها أيوب : ما كان منكِ ؟ فبكت وقال : بعلي ، فهل رأيته ؟ فقال : وهل تعرفينه إذا رأيته ؟ قالت : وهل يخفى على أحد رآه ؟ ثم جعلت تنظر إليه ويعرّفها به ، ثم قالت : أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحاً . قال : فإني أيوب الذي أمرتني أن أذبح للشيطان ، وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله فرّد علي ما ترين .

ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء فأمره تخفيفاً عنها أن يأخذ جماعة من الشجر فيضربها ضربة واحدة تخفيفاً عنها بصبرها معه .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر ، عن وهب قال : لم يكن الذي أصاب أيوب الجذام ولكنه أصابه أشد من ذلك ، كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقأ .

وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن الحسن قال : إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب فيأخذها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله .

وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب وابن عساكر ، عن ابن عباس أن امرأة أيوب قالت له : والله قد نزل بي من الجهد والفاقة ما إن بعت قرني برغيف فأطعمتك ، وإنك رجل مجاب الدعوة فادع الله أن يشفيك . فقال : ويحك . . . كنا في النعماء سبعين عاماً فنحن في البلاء سبع سنين .

وأخرج ابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن عساكر ، عن طلحة بن مطرف قال : قال إبليس : ما أصبت من أيوب شيئاً قط أفرح به ، إلا أني كنت إذا سمعت أنينه علمت أني أوجعته .

وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر ، عن مجاهد قال : أن أول من أصابه الجدري أيوب عليه السلام .

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

«إن أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه ، كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد . قال : وما ذاك ؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف عنه ما به . فلما جاء إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك ، فقال أيوب : لا أدري ما تقول ، غير أن الله يعلم أني كنت أمر بالرجلين يتباعدان يذكران الله فأرجع إلى بيتي فاؤلف بينهما كراهة أن يذكر الله لا في حق . وكان يخرج لحاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن { اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب } [ ص : 42 ] فاستبطأته فأتته فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان ، فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك ، هل رأيت نبي الله المبتلى ؟ والله على ذاك ما رأيت رجلاً أشبه به منك إذ كان صحيحاً . قال : فإني أنا هو . قال : وكان له أندران ، أندر للقمح وأندر للشعير ، فبعث الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح ، أفرغت فيه الذهب حتى فاض ، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض » .

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : { ووهبنا له أهله ومثلهم معهم } قال : رد الله امرأته وزاد في شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكراً ، وأهبط الله إليه ملكاً فقال : يا أيوب ، ربك يقرئك السلام بصبرك على البلاء ، فاخرج إلى اندرك . فبعث الله سحابة حمراء فهبطت عليه بجراد الذهب والملك قائم يجمعه ، فكانت الجراد تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره . قال الملك : يا أيوب ، أو ما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج ؟ فقال : إن هذه بركة من بركات ربي ولست أشبع منها .

وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «بينا أيوب يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب ، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه : «يا أيوب ، ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى وعزتك ، ولكن لا غنى لي عن بركتك » .

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لما عافى الله أيوب أمطر عليه جراداً من ذهب ، فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه ، فقيل له : يا أيوب ، أما تشبع ؟ قال : ومن يشبع من فضلك ورحمتك ؟ » .

وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس أن أيوب عاش بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنفية ، وعلى ذلك مات ، وتغيروا بعد ذلك وغيروا دين إبراهيم كما غيره من كان قبلهم .

وأخرج الحاكم عن وهب قال : عاش أيوب ثلاثاً وتسعين سنة وأوصى عند موته إلى ابنه حرمل ، وقد بعث الله بعده بشر بن أيوب نبياً وسماه ذا الكفل ، وكان مقيماً بالشام عمره حتى مات ابن خمس وسبعين سنة ، وأن بشراً أوصى إلى ابنه عبدان ثم بعث الله بعدهم شعيباً .

وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الله الجدلي قال : كان أيوب عليه السلام يقول : «اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني ، إن رأى حسنة أطفأها وإن رأى سيئة أذاعها » .

وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : يؤتى بثلاثة يوم القيامة : بالغني ، والمريض ، والعبد المملوك ، فيقال للغني : ما منعك من عبادتي ؟ فيقول : يا رب ، أكثرت لي من المال فطغيت . فيؤتى بسليمان عليه السلام في ملكه فيقول : أنت كنت أشد شغلاً من هذا ؟ فيقول : لا ، بل هذا . قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني .

ثم يؤتى بالمريض فيقول : ما منعك من عبادتي ؟ فيقول : شغلت على جسدي ، فيؤتى بأيوب في ضره فيقول : أنت كنت أشد ضراً من هذا ؟ قال : لا ، بل هذا . قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني .

ثم يؤتى بالمملوك فيقول : ما منعك من عبادتي ؟ فيقول : يا رب ، جعلت علي أرباباً يملكونني . فيؤتى بيوسف في عبوديته فيقول : أنت كنت أشد عبودية أم هذا ؟ قال : لا بل هذا قال : فإن هذا لم يمنعه أن عبدني . والله أعلم .