لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

قوله تعالى : { فاستجبنا له } والشكوى إنما تكون إلى الخلق لا إلى الخالق بدليل قول يعقوب إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وقال سفيان بن عيينة : من أظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقضاء الله تعالى لا يكون ذلك جزعاً كما « روي أن جبريل عليه السلام دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فقال كيف تجدك ؟ قال : أجدني مغموماً وأجدني مكروباً . وقال لعائشة حين قالت : وارأساه بل أنا وارأساه » قوله تعالى { فاستجبنا له } أي أجبنا دعاءه { فكشفنا ما به من ضر } وذلك أنه قال له { اركض برجلك } فركض برجله فنبعت عين ماء فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كل داء كان بظاهره ثم مشى أربعين خطوة فأمره أن يضرب برجله الأرض مرة أخرى ففعل ، فنبعت عين ماء بارد ، فأمره أن يشرب منها ، فشرب ، فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما كان { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال ابن مسعود وابن عباس وأكثر المفسرين : رد الله إليه أهله وأولاده بأعيانهم وأحياهم الله وأعطاه مثلهم معهم ، وهو ظاهر القرآن ، وعن ابن عباس رواية أخرى أن الله رد إلى المرأة شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكراً . وقيل كان له سبع بنين وسبع بنات .

وعن أنس يرفعه أن كان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب ، وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاضا . وروى أن الله تعالى بعث إليه ملكاً وقال له : إن ربك يقرئك السلام بصبرك فاخرج إلى أندرك ، فخرج إليه فأرسل الله عليه جراداً من ذهب فذهبت واحدة فأتبعها وردها إلى أندره فقال له الملك ما يكفيك ما أندرك ؟ فقال هذه بركة من بركات ربي ولا أشبع من بركاته ( خ ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى يا رب ولكني لا غنى لي عن بركتك » وقيل : أتى الله أيوب مثل أهله الذي هلكوا . قال عكرمة : قيل لأيوب إن أهلك في الآخرة فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا ، وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا فقال : بل يكونون لي في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا . فعلى هذا يكون معنى الآية { وآتيناه أهله } في الآخرة ومثلهم معهم في الدنيا وأراد بالأهل الأولاد { رحمة من عندنا } إي نعمة { وذكرى للعابدين } يعني عظة وعبرة لهم .