إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ} (84)

83

{ فاستجبنا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ } فلما قام جعل يلتفت فلا يرى شيئاً مما كان له من الأهل والمالِ إلا وقد ضاعفه الله تعالى وذلك قوله تعالى : { وَآتًيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهمْ مَعْهمْ } وقيل : كان ذلك بأن وُلد له ضِعفُ ما كان ، ثم إن امرأتَه قالت في نفسها : هبْ أنه طردني أفأترُكه حتى يموتَ جوعاً وتأكلَه السباع لأرجِعنّ إليه ، فلما رجعت ما رأت تلك الكُناسة ولا تلك الحال وقد تغيرت الأمورُ فجعلت تطوفُ حيث كانت الكُناسة وتبكي وهابت صاحبَ الحُلة أن تأتيَه وتسألَ عنه ، فأرسل إليها أيوبُ ودعاها فقال : ما تريدين يا أمةَ الله ؟ فبكت وقالت : أريد ذلك المبتلى الذي كان ملقًى على الكناسة ، قال لها : ما كان منك ؟ فبكت وقالت : بعْلي ، قال : أتعرِفينه إذا رأيتِه ؟ قالت : وهل يخفى عليّ ؟ فتبسم فقال : أنا ذلك فعرفته بضحكه فاعتنقتْه { رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وذكرى للعابدين } أي آتيناه ما ذُكر لرحمتنا أيوبَ وتذكرةً لغيره من العابدين ليصبِروا كما صبر فيُثابوا كما أثيب ، أو لرحمتنا العابدين الذين من جملتهم أيوبُ وذكْرِنا إياهم بالإحسان وعدمِ نسياننا لهم .