88- وترى - أيها الرسول - الجبال تظنها ثابتة لا تتحرك ، ولكنها في واقع الأمر تتحرك بسرعة كالسحاب ، وهذا من صنع الله الذي خلق كل شيء وأبدعه . إنه سبحانه كامل العلم بما يفعل الناس من طاعة ومعصية ، ومجازيهم عليه{[168]} .
وقوله : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } أي : تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه ، وهي تمر مر السحاب ، أي : تزول عن أماكنها ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا } [ الطور : 9 ، 10 ] ، وقال { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا } [ طه : 105 ، 107 ] ، وقال تعالى : { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً } [ الكهف : 47 ] .
وقوله : { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } أي : يفعل ذلك بقدرته العظيمة الذي قد أتقن كل ما خلق ، وأودع فيه{[22206]} من الحكمة ما أودع ، { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } أي : هو عليم بما يفعل عباده من خير وشر فيجازيهم عليه .
هذا وصف حال الأشياء يوم القيامة عقب النفخ في الصور ، و «الرؤية » هي بالعين{[9091]} وهذه الحال ل { الجبال } هي في أول الأمر تسير وتموج وأمر الله تعالى ينسفها ويفتها خلال ذلك فتصير كالعهن ، ثم تصير في آخر الأمد هباء منبثاً ، و «الجمود » : التصاُّم في الجوهر ، قال ابن عباس { جامدة } قائمة ، ونظيره قول الشاعر [ النابغة ] : [ الطويل ]
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم . . . وقوف لحاج والركاب تهملج{[9092]}
و { صنع الله } مصدر معرف والعامل فيه فعل مضمر من لفظه ، وقيل هو نصب على الإغراء بمعنى انظروا صنع الله{[9093]} ، و «الإتقان » الإحسان في المعمولات وأن تكون حساناً وثيقة القوة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «يفعلون » بالياء وقرأ الباقون «تفعلون » بالتاء على الخطاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.