المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

4- { الذي أطعمهم من جوع } وهم بواد غير ذي زرع ، { وآمنهم من خوف } والناس يُتَخطَّفون من حولهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

وقوله : { الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ } أي : هو رب البيت ، وهو " الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ " أي : تفضل عليهم بالأمن والرخص{[30556]} ، فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، ولا يعبدوا من دونه صنمًا ولا ندا ولا وثنًا . ولهذا من استجاب لهذا الأمر جَمَع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة ، ومن عصاه سلبهما منه ، كما قال تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } [ النحل : 112 - 113 ]

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن عمرو العَدَني ، حدثنا قَبِيصة ، حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل أمكم قريش ، لإيلاف قريش " {[30557]} ثم قال :

حدثنا أبي ، حدثنا المؤَمَّل بن الفضل الحراني ، حدثنا عيسى - يعني ابن يونس - عن عُبَيد الله ابن أبي زياد ، عن شهر بن حوشب ، عن أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف } ، ويحكم يا معشر قريش ، اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف " .

هكذا رأيته عن أسامة بن زيد ، وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السكن ، أم سلمة الأنصارية ، رضي الله عنها{[30558]} فلعله وقع غلط في النسخة ، أو في أصل الرواية ، والله أعلم .

آخر تفسير سورة " لإيلاف قريش " .


[30556]:- (2) في أ : "والترخص".
[30557]:- (3) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (24/177 ، 178) من طريق قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، به.
[30558]:- (4) وكذا في رواية الإمام أحمد في المسند (6/460) عن علي بن يحيى ، عن عيسى بن يونس ، عن عبد الله بن أبي زياد ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

وقوله : { الّذِي أطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ } يقول : الذي أطعم قريشا من جوع ، كما :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { الّذِي أطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ } يعني : قريشا أهل مكة ، بدعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال : { وَارْزُقهُمْ مِنَ الثّمَرَاتِ } .

{ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }

اختلف أهل التأويل في معنى قوله : { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } فقال بعضهم : معنى ذلك : أنه آمنهم مما يَخاف منه مَنْ لم يكن من أهل الحرم ، من الغارات والحروب والقتال ، والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } حيث قال إبراهيم عليه السلام : { رَبّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنا } .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } قال : آمنهم من كلّ عدوّ في حرمهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِم } قال : كان أهل مكة تجارا ، يتعاورون ذلك شتاء وصيفا ، آمنين في العرب ، وكانت العرب يغير بعضها على بعض ، لا يقدرون على ذلك ، ولا يستطيعونه من الخوف ، حتى إن كان الرجل منهم ليُصاب في حيّ من أحياء العرب ، وإذا قيل حِرْمِيّ خُلّي عنه وعن ماله ، تعظيما لذلك فيما أعطاهم الله من الأمن .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } قال : كانوا يقولون : نحن من حرم الله ، فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية ، يأمنون بذلك ، وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أُغير عليه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } قال : كانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويَسْبِي بعضها بعضا ، فأمنوا من ذلك لمكان الحرم ، وقرأ : { أوَ لَمْ نُمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمِنا يُجْبَى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْءٍ } .

وقال آخرون : عُنِي بذلك : وآمنهم من الجُذَام . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، قال : قال الضحاك : { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } قال : من خوفهم من الجُذام .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } قال : من الجذام وغيره .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : قال وكيع : سمعت أطعمهم من جوع ، قال : الجوع { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } الخوف : الجذام .

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا عامر بن إبراهيم الأَصبهانيّ ، قال : حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المُغيرة ، قال : ثني أبي ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس { وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } قال : الخوف : الجذام .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أنه { آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } والعدوّ مخوف منه ، والجذام مخوف منه ، ولم يخصُصِ الله الخبر عن أنه آمنهم من العدوّ دون الجذام ، ولا من الجذام دون العدوّ ؛ بل عمّ الخبر بذلك ، فالصواب أن يُعَمّ كما عمّ جلّ ثناؤه ، فيقال : آمنهم من المعنيين كليهما .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ الذي أطعمهم من جوع } أي بالرحلتين ، والتنكير للتعظيم . وقيل : المراد به شدة أكلوا فيها الجيف والعظام . { وآمنهم من خوف } أصحاب الفيل ، أو التخطف في بلدهم ، ومسايرهم ، أو الجذام ، فلا يصيبهم ببلدهم .

ختام السورة:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها " .