النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ الذي أطْعَمَهم من جُوعٍ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أطعمهم من جوع بما أعطاهم من الأموال وساق إليهم من الأرزاق ، قاله ابن عيسى .

الثاني : أطعمهم من جوع بما استجاب فيهم دعوة إبراهيم عليه السلام . حين قال : { وارْزُقهم من الثمرات } قاله ابن عباس .

الثالث : أن جوعاً أصابهم في الجاهلية ، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاماً ، فحملوه ، فخافت قريش منهم وظنوا أنهم قدموا لحربهم ، فخرجوا إليهم متحرزين ، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام وأعانوهم بالأقوات ، فهو معنى قوله { الذي أطعمهم من جوع } .

{ وآمَنَهُم مِنْ خوْفٍ } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : آمنهم من خوف العرب أن يسبوهم أو يقاتلوهم تعظيماً لحرمة الحرم ، لما سبقت لهم من دعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال : { ربِّ اجْعَلْ هذا بلداً آمِناً } ، قاله ابن عباس .

الثاني : من خوف الحبشة مع الفيل ، قاله الأعمش .

الثالث : آمنهم من خوف الجذام ، قاله الضحاك والسدي وسفيان الثوري .

الرابع : يعني آمن قريشاً ألا تكون الخلافة إلا فيهم ، قاله علّي رضي الله عنه .