تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ الذي أطعمهم من جوع } حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن { وآمنهم من خوف } آية . يعني القتل والسبي ، وذلك أن العرب في الجاهلية كان بقتل بعضهم بعضا ، ويغير بعضهم على بعض ، فكان الله عز وجل يدفع عن أهل الحرم ، ولا يسلط عليهم عدوا ، فذلك قوله :{ وآمنهم من خوف } .

ختام السورة:

وأيضا { لإيلاف قريش } يقول : لا ميرة لقريش ، ولا اختلاف ، وذلك أن قريشا كانت لا تأتيهم التجار ، ولا يهتدون إليهم ، فكانت قريش تمتار لأهلها الطعام من الشام في الشتاء ، ومن اليمن في الصيف ، وذلك أنهم كانوا في الشتاء ينطلقون إلى الشام ليمتاروا الطعام لأهلهم ، فإذا جاء الصيف انطلقوا إلى اليمن ، فكانت لهم رحلتان : في الشتاء والصيف ، فرحمهم الله عز وجل فقذف في قلوب الحبش أن يحملوا إليهم الطعام في السفن ، فكانوا يخرجون على مسيرة ليلة إلى جدة ، فيشترون الطعام ، وكفاهم الله مؤنة الشتاء والصيف . فأنزل الله عز وجل يذكرهم النعم ، فقال :{ لإيلاف قريش إلافهم رحلة الشتاء والصيف } والإيلاف من المؤنة والاختلاف ، ثم قال :{ فليعبدوا رب هذا البيت } يقول : أخلصوا العبادة له { الذي أطعمهم من جوع } حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن ، ثم قال :{ وآمنهم من خوف } يعني القتل والسبي ؛ لأن العرب كانت يقتل بعضهم بعضا ، ويسبى بعضهم بعضا ، وهم آمنون في الحرم .