البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ وآمنهم من خوف } : فضلهم على العرب بكونهم يأمنون حيث ما حلوا ، فيقال : هؤلاء قطان بيت الله ، فلا يتعرض إليهم أحد ، وغيرهم خائفون .

وقال ابن عباس والضحاك : { آمنهم من خوف } : معناه من الجذام ، فلا ترى بمكة مجذوماً .

قال الزمخشري : والتنكير في جوع وخوف لشدتهما ، يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما ، وآمنهم من خوف عظيم ، وهو خوف أصحاب الفيل ، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم .

وقرأ الجمهور : { من خوف } ، بإظهار النون عند الخاء ، والمسيبي عن نافع : بإخفائها ، وكذلك مع العين ، نحو من على ، وهي لغة حكاها سيبويه .

وقال ابن الأسلت يخاطب قريشا :

فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا *** بأركان هذا البيت بين الأخاشب

فعندكم منه بلاء ومصدق *** غداة أبي مكسوم هادي الكتائب

كثيبة بالسهل تمشي ورحلة *** على العادقات في رؤوس المناقب

فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم *** جنود المليك بين ساق وحاجب

فولوا سراعاً هاربين ولم يؤب *** إلى أهله ملجيش غير عصائب