تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ أطعمهم من جوع } : وسّع عليهم الرزق .

{ آمنهم من خوف } : جعلهم في أمنٍ من التعدّي عليهم .

والواقع أن من أكبرِ النعم على الإنسان وجودَه في بلده آمنا رزقُه مكفولٌ ميسَّر . وهكذا ، فإن السورةَ الكريمة تجمع أهم ما يطلبه الإنسان وهو الأمن والشِبَع والاستقرار .

وفي الحديث الشريف : « من أصبح منكم آمناً في سِربه ، معافىً في جسَده ، وعنده قوتُ يومه ، فكأنما حِيزَتْ له الدّنيا » ، رواه البخاري في الأدب المفرد ، والترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن محصن الأنصاري أبي عمرو .

ومعنى آمناً في سِربه : أمينا على نفسِه ، مطمئن البال في حَرَمه وأهله .

ختام السورة:

وقد كانت قريش أولَ أمرها متفرقة حول مكة ، فوحّدها قُصَيُّ قبل ظهور الإسلام بنحو مائة سنة ، وأسكنها مكة ، ونظّم شؤونها ، ووضع أساسَ سيادتها الدينية والسياسية ، وأسَّس دارَ الندوة حيث كان يجتمع أعيانُ قريش للتشاور في أمور السلم والحرب ، وإنجازِ معاملاتهم .

وتنقسم قريش إلى قريش البِطاح ، وهي التي تسكن مكة وتضم بطون : هاشم ، وأميّة ، ونوفل ، وزهرة ، ومخزومِ ، وأسَد ، وجُمَح ، وسَهْم ، و تَيْم ، وعَدِي .

وقريش الظواهر : وكانوا خليطاً من العوام والأحابيش والموالي ، يسكنون ضواحي مكةَ ، وفي شِعاب التلال المجاورة لها .

وكانت قريش البِطاح تؤلف ارستقراطيةَ مكة ، وتهيمن على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أواسط بلاد العرب وغربها . وكانت لهم تجارةٌ واسعة كما تقدّم . وبفضل تعظيم العرب للكعبة ، وحجِّهم إليها ، اكتسبت قريش فوائدَ اقتصادية ونفوذاً روحياً وسياسياً بين القبائل ، كما اشتهر القرشيون بفصاحتهم . ولهجةُ قريش هي الفصحى التي سادت أكثرَ أنحاءِ شبه الجزيرة العربية في الجاهلية ، وبها نزل القرآن الكريم .