فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ الذي أطعمهم من جوع } أي أطعمهم بسبب تينك الرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما ، وقيل : إن هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم فقال : " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " ، فاشتد القحط فقالوا : يا محمد ، ادع الله لنا فإنا مؤمنون . فدعا فأخصبوا ، وزال عنهم الجوع ، وارتفع القحط . قال ابن عباس : يعني قريشا أهل مكة بدعوة إبراهيم حيث قال : { وارزق أهل من الثمرات } .

{ وآمنهم من خوف } أي من خوف شديد كانوا فيه ، قال ابن زيد : كانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويسبي بعضها بعضا ، فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم .

وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان : آمنهم من خوف الحبشة مع الفيل . وقال ابن عباس : من الجذام . وعنه في الآية قال : آمنهم من خوف حيث قال إبراهيم : { رب اجعل هذا بلدا آمنا } . قال ابن عباس : نهاهم عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيت ، وكفاهم المؤنة وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف ، ولم تكن لهم راحة في شتاء ولا صيف ، فأطعمهم الله بعد ذلك من جوع وآمنهم من خوف ، وكان ذلك من نعمة الله عليهم ، وعنه قال : أمروا أن يألفوا عبادة رب هذا البيت كإلفهم رحلة الشتاء والصيف .

وقد وردت أحاديث في فضل قريش ، وإن الناس تبع لهم في الخير والشر ، وإن هذا الأمر -يعني الخلافة- لا يزال فيهم ما بقي منهم اثنان ، وهي في دواوين الإسلام .