المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (9)

9- ألم يصل إليكم خبر الذين مَضوْا من قبلكم ، قوم نوح وعاد وثمود ، والأمم الذين جاءوا من بعدهم ، وهم لا يعلمهم إلا الله لكثرتهم ، وقد جاءتهم رسلهم بالحُجج الواضحة على صدقهم ، فوضعوا أيديهم على أفواههم استغراباً واستنكاراً ، وقالوا للرسل : إنا كفرنا بما جئتم به من المعجزات والأدلة ، وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه من الإيمان والتوحيد ، لأننا لا نطمئن إليه ونشك فيه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (9)

قال ابن جرير : هذا من تمام قيل{[15760]} موسى لقومه{[15761]} .

يعني : وتذكاره إياهم بأيام الله ، بانتقامه من الأمم المكذبة للرسل .

وفيما قال{[15762]} ابن جرير نظر ؛ والظاهر أنه خبر مستأنف من الله تعالى لهذه الأمة ، فإنه قد قيل :

إن قصة عاد وثمود ليست في التوراة ، فلو كان هذا من كلام موسى لقومه وقَصَه عليهم ذلك فلا شك{[15763]} أن تكون هاتان القصتان في " التوراة " ، والله أعلم . وبالجملة فالله تعالى قد قص علينا خبر قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم المكذبة للرسل ، مما لا يحصي عددهم{[15764]} إلا الله عز وجل أتتهم رسلهم بالبينات ، أي : بالحجج والدلائل الواضحات الباهرات القاطعات .

وقال ابن{[15765]} إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله أنه قال في قوله : { لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ } كذب النسابون .

وقال عروة بن الزبير : ما وجدنا أحدا يعرف ما بعد معد بن عدنان .

وقوله : { فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ } اختلف المفسرون في معناه ، فقيل : معناه : أنهم أشاروا إلى أفواه الرسل يأمرونهم{[15766]} بالسكوت عنهم ، لما دعوهم إلى الله ، عز وجل .

وقيل : بل وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيبًا لهم .

وقيل : بل هو عبارة عن سكوتهم عن جواب الرسل .

وقال مجاهد ، ومحمد بن كعب ، وقتادة : معناه : أنهم كذبوهم وردوا عليهم قولهم بأفواههم .

قال ابن جرير : وتوجيهه{[15767]} أن " في " ها هنا بمعنى " الباء " ، قال : وقد سمع من العرب : " أدخلك الله بالجنة " يعنون : في الجنة ، وقال الشاعر :

وَأَرْغَبُ فِيهَا عَن لَقيطٍ ورهْطه *** عَن سِنْبس لَسْتُ أرْغَب

يريد : أرغب بها{[15768]} .

قلت : ويؤيد قول مجاهد تفسير ذلك بتمام الكلام : { وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ } فكأن هذا [ والله أعلم ]{[15769]} تفسير لمعنى رَدِّ أيديهم في أفواههم .

وقال سفيان الثوري ، وإسرائيل ، عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله : { فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ } قال : عضوا عليها غيظا .

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، أبي هُبَيرَْة ابن مريم ، عن عبد الله أنه قال ذلك أيضا . وقد اختاره عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ووجهه ابن جرير مختارًا له ، بقوله تعالى عن المنافقين : { وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ } [ آل عمران : 119 ] .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : لما سمعوا كتاب{[15770]} الله عَجبوا ، ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم .

وقالوا : { إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ } يقولون : لا نصدقكم فيما جئتم به ؛ فإن عندنا فيه شكا قويا .


[15760]:- في أ : "قول".
[15761]:- تفسير الطبري (16/529).
[15762]:- في ت ، أ : "قاله".
[15763]:- في ت ، أ : "لأوشك".
[15764]:- في ت ، أ : "عدده".
[15765]:- في ت : "أبو".
[15766]:- في ت : "يأمروهم".
[15767]:- في ت : "ويوجهه"
[15768]:- تفسير الطبري (16/534).
[15769]:- زيادة من ت ، أ.
[15770]:- في ت : "كلام".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاّ اللّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيّنَاتِ فَرَدّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فِيَ أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوَاْ إِنّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنّا لَفِي شَكّ مّمّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل موسى لقومه : يا قوم ألَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يقول : خبر الذين من قبلكم من الأمم التي مضت قبلكم ، قَوْمِ نُوحِ وعادٍ وَثُمودَ وقوم عاد فبين بهم عن «الذين » ، وعاد معطوف بها على قوم نوح . وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ يعني : من بعد قوم نوح وعاد وثمود . لا يَعْلَمُهُمْ إلاّ اللّهُ يقول : لا يحصي عددهم ولا يعلم مبلغهم إلا الله . كما :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ابن ميمون : وَعادٍ وَثمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إلاّ اللّهُ قال : كذب النسابون .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود بمثل ذلك .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : حدثنا ابن مسعود ، أنه كان يقرؤها : «وعادا وثَمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدَهِمْ لا يَعْلَمُهُم إلاّ اللّهُ » ثم يقول : كذب النسابون .

حدثني ابن المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عيسى بن جعفر ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله ، مثله .

وقوله : جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبَيّناتِ يقول : جاءت هؤلاء الأمم رسلهم الذين أرسلهم الله إليهم بدعائهم إلى إخلاص العبادة له بالبينات ، يعني بالحجج الواضحات والدلالات البينات الظاهرات على حقيقة ما دعوهم إليه من معجزات .

وقوله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : فعضوا على أصابعهم تغيظا عليهم في دعائهم إياهم ما دعوهم إليه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، قال حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ في أفْوَاهِهِمْ قال : عضوا عليها تغيظا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، في قوله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : غيظا هكذا . وعض يده .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : عضوها ،

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء البصري ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قول الله عزّ وجلّ : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : عضوا على أصابعهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : عضوا على أطراف أصابعهم .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة عن عبد الله أنه قال في هذه الاَية : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : أن يجعل إصبعه في فيه .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو قطن ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن عبد الله في قول الله عزّ وجلّ : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ ووضع شعبة أطراف أنامله اليسرى على فيه .

حدثنا الحسن ، قال : حدثنا يحيى بن عبّاد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرنا أبو إسحاق ، عن هبيرة ، قال : قال عبد الله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : هكذا ، وأدخل أصابعه في فيه .

حدثنا الحسن ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا شعبة ، قال أبو إسحاق : أنبأنا عن هبيرة ، عن عبد الله أنه قال في هذه الاَية : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْواهِهِمْ قال أبو عليّ : وأرانا عفان ، وأدخل أطراف أصابع كفه مبسوطة في فيه ، وذكر أن شعبة أراه كذلك .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : عضوا على أناملهم . وقال سفيان : عضوا غيضا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ في أفْوَاهِهِمْ فقرأ : عَضّوا عَلَيْكُمْ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ قال : ومعنى : رَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ فقرأ : عَضّوا عَلَيْكُمْ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ قال : ومعنى : رَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : أدخلوا أصابعهم في أفواههم ، وقال : إذا اغتاظ الإنسان عضّ يده .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا منه ، ووضعوا أيديهم على أفواههم . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : فَرَدّوا أيْدِيَهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك أنهم كذّبوهم بأفواههم . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد «ح » وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : فَرَدّوا أيْدِيِهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ قال : ردّوا عليهم قولهم وكذبوهم .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (9)

{ ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود } من كلام موسى عليه الصلاة والسلام أو كلام مبتدأ من الله . { والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله } جملة وقعت اعتراضا ، أو الذين من بعدهم عطف على ما قبله ولا يعلمهم اعتراض ، والمعنى أنهم لكثرتهم لا يعلم عددهم إلا الله ، ولذلك قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كذب النسابون . { جاءتهم رسلهم بالبينات فردّوا أيديهم في أفواههم } فعضوها غيظا مما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام كقوله تعالى : { عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } . أو وضعوها عليها تعجبا منه أو استهزاء عليه كمن غلبه الضحك ، أو إسكاتا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمرا لهم بإطباق الأفواه ، أو أشاروا بها إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم : { إنا كفرنا } تنييها على أن لا جواب لهم سواه أو ردوها في أفواه الأنبياء يمنعونهم من التكلم ، وعلى هذا يحتمل أن يكون تمثيلا . وقيل الأيدي بمعنى الأيادي أي ردوا أيادي الأنبياء التي هي مواعظهم وما أوحي إليهم من الحكم والشرائع في أفواههم ، لأنهم إذا كذبوها ولم يقبلوها فكأنهم ردوها إلى حيث جاءت منه . { وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به } على زعمكم . { وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه } من الإيمان وقرئ " تدعونا " بالإدغام . { مُريب } موقع في الريبة أو ذي ريبة وهي قلق النفس وأن لا تطمئن إلى الشيء .