الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (9)

{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ } يعني من كان بعد قوم نوح وعاد وثمود .

وكان ابن مسعود يقرأها : { وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ } ثم يقول كذب النسابون { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ } .

قال ابن مسعود : يعني عضوا على أيديهم غيظاً .

قال ابن زيد وقرأ :

{ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ } [ آل عمران : 119 ] .

ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا فرجعوا بأيديهم إلى أفواههم .

مجاهد وقتادة : كذبوا الرسل وردّوا ما حلوا به .

الأخفش وأبو عبيدة : أي تركوا ما أُمروا به وكفوا عنه ولم يمضوه ولم يؤمنوا .

تقول العرب للرجل إذا أمسك عن الجواب فلم يجب وسكت : قد ردّ يده في فيه .

قال القيسي : إنا لم نسمع واحداً من العرب يقول ردّ يده في فيه إذا ترك ما أمر به وإنما المعنى إنهم عضوا على الأيدي حيفاً وغيظاً .

كقول الشاعر :

تردون في فيه غش الحسود

يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أنامله العشر

وقال الهذلي :

قد أفنى أنامله أزمة *** فأضحى يعض على الوظيفا

الوظيف يعني الذراع والساق ، واختار النحاس هذا القول ؛ لقوله تعالى

{ وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ } [ آل عمران : 119 ] .

وأنشدلو أن سلمى أبصرت تخددي *** ودقة في عظم ساقي ويدي

وبعد أهلي وجفاء عودي *** عضت من الوجد بأطراف اليد

قال الكلبي : يعني من الأمم ردّوا بأيديهم إلى أفواههم أي في أفواه أنفسهم ؛ إشارة إلى الرسل إن اسكتوا .

مقاتل : فردوا أيديهم على أفواه الرسل حين يسكتونهم بذلك { وَقَالُواْ } يعني الأُمم للرسل ، { إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } موجب الريبة موقع للتهمة